38serv

+ -

تتحول مواكب الأعراس في الكثير من الأحيان إلى ميدان حرب بين أصحاب السيارات المشاركة في العرس، وهم غالبا شباب متهور، يحتلون الطريق باستعراضاتهم العشوائية فيصبح قاعة حفلات متنقلة، معرقلين حركة المرور، ما يستفز  باقي السائقين الذين كثيرا ما يدخلون في مناوشات واشتباكات تقود طرفا إلى المستشفى  وآخر إلى السجن،  فضلا عن استعمال السرعة المفرطة التي كثيرا ما تودي بحياة أبرياء وكذا  المآسي التي يتسبب  فيها استعمال الأسلحة للتعبير عن فرحة تحولها طلقة نارية إلى مأتم. يفرط غالبية أصحاب حفلات الزفاف في التعبير عن فرحتهم بمظاهر سلبية لا يقدّرون عواقبها الوخيمة عن جهل أو استخفاف، معرضين حياتهم وحياة الآخرين الذين لبوا دعوة مشاركتهم فرحتهم إلى الخطر، وحجتهم في ذلك أنهم في عرس وكل شيء مسموح، فالطريق العام يتحوّل إلى ملكية خاصة لأصحاب العرس ولا يحق حتى لمصالح الأمن التدخل “لإفساد فرحة العرس”، العبارة الشهيرة التي يرددها الجميع في حال تم توقيفهم في حاجز للأمن لمجرد المراقبة الروتينية للوثائق.مواجهات داميةومنذ بداية موسم الاصطياف، سجلت العديد من الحوادث والمواجهات بسبب مواكب الزفاف، وهي تتجدد كل سنة في الموسم ذاته الذي تكثر فيه حفلات الزفاف، حيث يعمد بعض السائقين في مواكب الأعراس إلى تشكيل حماية للموكب في مقدمته ومؤخرته، فيمنعون أي سيارة أخرى من عبوره، ما يتسبب في إحداث العديد من الاختناقات المرورية التي تؤثر على أعصاب باقي السائقين، فتتطور الأمور إلى مواجهات دامية. فقبل يومين فقط، شهدت عدة مناطق في ولاية خنشلة مواجهات على الطرقات في عاصمة الولاية ومدن قايس وغريبة، خلفت العديد من الجرحى، بسبب احتلال سيارات مواكب الزفاف الطريق ومنع الآخرين من المرور، خاصة أصحاب الحالات المستعجلة، وهو حال عائلة كانت قادمة من منطقة غريبة تحمل مريضا إلى المستشفى، إلا أنها اصطدمت في طريقها بموكب لم يترك حتى ممر الحالات الاستعجالية، ما تسبب في حدوث شجار خلف جريحين انتهى بهما الأمر في المستشفى، بعد أن مكّن تدخل العقلاء من تجنب كارثة أكبر. وفي اليوم نفسه شهدت مدينة قايس مواجهات دامية بين سائقين في موكب زفاف وآخرين، حيث وقعت بينهم ملاسنات تطورت إلى اشتباك بالأيدي انتهى بتسجيل أربعة جرحى، حيث قام أحد المشاركين في موكب الزفاف بقطع الطريق لفسح المجال أمام الموكب ليمر، غير أن مناوشات وقعت بينه وبين شخصين آخرين لم يكونا ضمن الموكب، تطورت إلى عراك أصيب فيه أربعة أشخاص بجروح متفاوتة الخطورة.حوادث مميتةاحتلال الطريق ومصادرته ليس الظاهرة السلبية الوحيدة التي تحدث في أعراسنا وتسرق الفرحة أحيانا من مناسبة سعيدة مدتها الزمنية مؤقتة لكنها قد تخلف حزنا دائما يمحو ذكرى الفرح عندما يقترن حفل الزفاف بموت عزيز فقد حياته نتيجة تهور تحت غطاء التعبير عن الفرحة، وهو حال عائلة عاشت مأساة قبل سنتين في موكب زفاف في ولاية باتنة، راح ضحيته شقيق العروس وابنة عمها الحامل بالقرب من مدينة تيمڤاد، بسبب الاستعمال الفائق للسرعة، حيث كانت السيارة التي تقل الضحايا قادمة من منطقة فم الطوب نحو تيمڤاد، لتصطدم بسيارة كانت قادمة من الاتجاه المعاكس، ما أدى لمصرعهما بسبب قوة الارتطام، ليتحول العرس إلى مأتم وتستقبل عائلة الضحايا المعزين بدل المهنئين.وشهدت مدينة سيدي بلعباس مأساة حقيقية في عرس تحول إلى مأتم، حيث لقي ستة أشخاص كانوا في موكب زفاف مصرعهم، وأصيب العريس بجروح بليغة أدخلته الإنعاش بدل عش الزوجية.وقد خلف الحادث ستة قتلى بينهم ثلاث نساء وثلاثة رجال، فضلا عن جريحين واحد منهما في حالة خطيرة. ووقع الحادثإثر اصطدام بين سيارتين، حيث توفيت الأم وابنتها وسائق السيارة الأولى متأثرا بجراحه الخطيرة، وكانت السيارة الأخرى تقل العريس الذي نقل إلى مصلحة الإنعاش فيما توفي صاحب السيارة ومرافقيه، وبينت تقارير مصالح الدرك الوطني أن سبب الحادث هو استعمال السرعة المفرطة والتجاوز الخطير.أسلحة في أيدي المراهقينالمآسي التي تحدث في الأعراس ومواكب الزفاف لا تقتصر على استعمال السرعة والدخول في مناوشات مع السائقين بسبب الرغبة في احتكار الطريق فقط، لكن هناك أيضا استعمال الأسلحة التي كثيرا ما تفلت منها طلقات طائشة موقعة ضحايا. فقبل يومين، شهدت منطقة الغزوات بتلمسان إصابة ثمانية أشخاص بجروح بليغة أثناء إحياء حفل زفاف، إثر إصابتهم بطلقات نارية قام بإطلاقها أحد المدعوين باستعمال بندقية صيد.الضحايا تم نقلهم إلى المركز الصحي بندرومة، حيث وضعوا تحت الرقابة الطبية، في حين نقل أحدهم حالته معقدة إلى مستشفى تلمسان، ما استدعى تدخل مصالح الدرك الوطني بالغزوات، هذه الأخيرة أوقفت المعني وحجزت السلاح المستعمل، كما تم فتح تحقيق حول الحادث.وفي ولاية ڤالمة، أصيب شاب يبلغ من العمر 29 سنة بجروح بليغة بقرية عين أرقو بلدية تاملوكة ولاية ڤالمة، بعد تعرضه لطلقات نارية صادرة من بندقية صيد أحد المدعوين. الشاب نقل على جناح السرعة إلى مستشفى واد زناتي، ثم إلى مستشفى قسنطينة حيث وضع تحت الرقابة الطبية، في حين باشرت فرقة الدرك الوطني بتاملوكة تحقيقا في القضية.وسبق أن شهدت مدينة سيدي بلعباس مأساة في حفل زفاف راح ضحيته العريس برصاصة طائشة من مسدس قريبه الشرطي، حيث كان العريس البالغ من العمر 28 سنة في غمرة الاحتفال بزفافه رفقة الأصدقاء والأقارب، عندما وقعت الكارثة وسقط ميتا أمام المدعوين بعد أن أصابته رصاصة قريبه الشرطي في بطنه. المقدم عبد الحميد كرود لـ”الخبر”“الدرك الوطني لا يتسامح مع مرتكبي التجاوزات”أكد المقدم عبد الحميد كرود، رئيس مصلحة الاتصال بقيادة الدرك الوطني، في اتصال مع “الخبر”، أن مصالح الدرك الوطني تطبق التعليمات الخاصة بأمن وسلامة حركة المرور بصرامة، ونفى أن تتساهل في التعامل مع مختلف التجاوزات التي تحدث في مواكب الأفراح والأعراس.وأبرز محدثنا موضحا أن “هذه التجاوزات قد تؤدي في بعض الأحيان إلى القتل غير العمدي جراء استعمال الأسلحة النارية من دون ترخيص أو بسب حوادث المرور أثناء سير المواكب”.وأضاف المقدم كرود أن “جميع المتسببين في هذه الحوادث يتم توقيفهم وسماعهم وتقديمهم أما العدالة لمحاكمتهم”، كما أشار إلى أن “مرتادي السيارات في المواكب الاحتفالية تجدهم منضبطين أثناء مرورهم بالحواجز الأمنية”، لكن للأسف، كما يضيف، “أنهم سرعان ما يعودون إلى ارتكاب تلك التجاوزات مباشرة بعد اجتيازهم الحواجز الأمنية”، ما استدعى في بعض الحالات، حسبه، “توقيف السيارات وتفتيش الركاب وحجز جميع الأسلحة النارية والمفرقعات”. وفي رده على اتخاذ مصالح الدرك الوطني تدابير جديدة ردعية للحد من هذه الظاهرة التي أضحت تهدد أمن المواطنين في مختلف الأفراح والمناسبات، فنّد كرود استحداث برنامج خاص، قائلا إن “التعليمات والقوانين سارية المفعول في جميع أيام السنة على حد سواء”، وإن “مصالحه تتعامل بصرامة مع المخالفين لها، على غرار الجرح العمدي وغير العمدي والقتل بالخطأ وعرقلة حركة المرور، أو احتلال الأرصفة والطرقات لاستغلالها في الأعراس من دون رخصة، والإزعاج الليلي والضوضاء باستعمال مكبرات الصوت ومختلف الألعاب النارية والمفرقعات”.المختص في علم النفس زردومي امحمد لـ”الخبر”“يتنافسون على ممارسة جميع التصرفات الخطيرة”أرجع الخبير النفساني، البروفيسور زردومي امحمد، أسباب تكرار سيناريو الحوادث الدامية التي أمست تهدد أفراح المواطنين وتحولها إلى مآتم، إلى “التصرفات التي يقوم بها بعض الأشخاص، التي تحاكي الاستعلاء وفيها نوع من الاستعراض، رغبة منهم في جلب الأنظار إليهم”، موضحا: “تجدهم يتنافسون على ممارسة جميع التصرفات الخطيرة، من استعمال الأسلحة النارية والتجاوزات الخطيرة أثناء سيرهم في مواكب الأفراح واستعمال الألعاب النارية وتباهيهم بالسيارات الفخمة والأسلحة”، ما يدخلهم، حسبه، في “حالة من الهيجان والهيستيريا وتجردهم من مسؤولياتهم وتجعلهم يتصرفون من دون حكمة وعقلانية”. كما سلط زردومي الضوء على انتشار ظاهرة العنف ضد الأشخاص والأشياء في أوساط المجتمع، قائلا: “في الحقيقة مجتمعنا يتظاهر بأنه مغلق، فتجده يغتنم فرصة هذه المناسبات الضيقة ويبدأ في إخراج طاقاته المخزنة طوال 10 أشهر، ودون أن يتفطن يخرج عن الإطار العقلاني، ما يؤدي بهم في بعض الأحيان إلى نتائج جد وخيمة وتتحول أفراحهم إلى مآتم”.   

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات