38serv

+ -

ما هو تكييفكم القانوني للجريمة الشنعاء التي ارتكبت في حق الرضيع الفلسطيني “علي دوابشة”؟ حقا، إنه فعل بشع، كما تقولون، إنها جريمة قتل، لكن يجب الإشارة إلى بعض النقاط الجوهرية. الكثير من الفلسطينيين الذين هزتهم الجريمة، يعتقدون أن هذه الأخيرة وبالنظر إلى خطورتها، تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بالنظر إلى بشاعتها. لكن حسب اعتقادي، يجب أخذ الحذر في استعمال مثل هذا التفسير.. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الجرائم التي ترفع على مستوى المحكمة الجنائية الدولية، تخضع بالضرورة إلى نص قانون “معاهدة روما” في المادة 17 الفقرة 1 “د”، تشمل كلا من الجرائم التالية: المتمثلة في جريمة الإبادة الجماعية، وجريمة الحرب، وجريمة الاعتداء، وجريمة ضد الإنسانية. وكما نرى، الذي حدث في القرية الفلسطينية تم اقترافه من قبل مستوطنين يهود متطرفين، وبالتالي فلا تنطبق بنود المادة القانونية المذكورة على هذه الجريمة. وهناك أمثلة كثيرة لم تحظ بالموافقة، كملف كينيا وجزر القمر. وحقيقة، اليوم رأينا بأن هذا الفعل الشنيع عرف ضجة إعلامية واسعة واستنكارا كبيرا من قبل المجتمع الدولي، وأظن أن السلطات الإسرائيلية عرفت حجم الخطورة، ولأول مرة تدين إسرائيل جريمة ارتكبت في حق فلسطينيين، لكن هذا غير كافٍ وينصب في الجانب السياسي، وهي مجبرة الآن على الكشف عن هوية مقترفي هذه الجريمة الشنعاء وتقديمهم أمام العدالة.ما هو دور المحكمة الجنائية الدولية عقب استلامها ملف الرضيع الفلسطيني “علي دوابشة”؟ الآن وبعد استلام المحكمة الجنائية الدولية الملف، سوف يتم تقديمه أمام النائب العام، الذي سيقوم بدوره بتشريح الملف وتحليله، لأنه ملزم ومقيد بتطبيق بنود ما تنص عليه المادة القانونية من “معاهدة روما”. لأنه قبل الإعلان عن قبول الملف، يجب أن تكون الجريمة التي يتضمنها الملف من إحدى الجرائم التي ذكرتها سابقا (إبادة جماعية، وجرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، والاعتداء).. كما يستلزم النظر إذا ما تمت إحالة الأشخاص المتورطين على الهيئات المختصة، ثم التكفل بالملف المقدم من قبل السلطات الفلسطينية.هل تعتقدون إذن أن ملف الرضيع سترفضه المحكمة الجنائية الدولية لعدم الاختصاص؟ حسب اعتقادي الشخصي، ومن الزاوية القانونية، وفي هذه الجريمة البشعة التي تعرضت إليها عائلة دوابشة، وبالرغم ما عرفته من ضجة دولية واسعة، كلها عوامل موصوفة لا تصب في خانة الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، لكن قد تدفع هذه الأخيرة إلى ما يسمى بالاجتهاد القضائي، ويكون للمحكمة موقف آخر للإعلان عن القبول أو الرفض، لكنني أشك في قبول الملف.وهل يملك الكيان الصهيوني عدالة ذات مصداقية؟ في الماضي ربما كنا نقول غير ذلك، لكن اليوم لاحظنا تأثير ما حدث على الحكومة الإسرائيلية، ولأول مرة يقوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بتصريح سياسي (يدين جريمة حرق عائلة دوابشة)، ما يشير إلى انتهاج إسرائيل سياسة جديدة لمعاقبة هؤلاء الأشخاص المتورطين في هذا الجرم، ولكن اليوم على القضاء الإسرائيلي حفظ ماء الوجه والحفاظ على شرفه من خلال تقديم هؤلاء المتورطين ومحاكمتهم، أو إخضاعهم على الأقل لمختلف الإجراءات القانونية اللازمة، المهم تطبيق محاكمة وطنية عادلة، وهذا ما ينتظر القضاء الإسرائيلي اليوم. لكن ما إذا ستتم معاقبتهم أم لا؟ فلا أستطيع استباق الأحداث والمستقبل لوحده كفيل للإجابة على هذا السؤال.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات