"سافرت من لبنان إلى كندا هروبا من الفقر"

38serv

+ -

بعيدا عن ركح ثاموقادي، وبعد أن بصم مشاركته الأولى في مهرجان تيمڤاد الدولي في طبعته الـ 37 تسللت “الخبر” إلى قلب النجم العالمي ساري عبود، المعروف فنيا بـ “مساري”، وحاولت أن تغوص معه في تفاصيل حياته بداية من هجرته إلى كندا، وسر اختياره لاسم “مساري”، وكيف يرى مستقبله بعد النجومية الكبيرة التي حققها في الآونة الأخيرة، وكيف ينظر للربيع العربي من منظوره كفنان .. أسئلة كثيرة حملناها للنجم “مساري” الذي فاجأنا بتواضعه  ودرايته بالكثير من الأمور التي تحدث بالوطن العربي.بداية ما هو انطباعك وأنت تشارك لأول مرة في مهرجان تيمڤاد الدولي؟ حقيقة.. انبهرت بالجمهور الجزائري فهو علامة مميزة، ويكفي أنه يتفاعل لمجرد أن تكون قادرا على تحريك مشاعره، لقد وجدت جمهورا عفويا يعشق الفن، وله أذن فنية رائعة، فعلا سعيد بالغناء في الجزائر ثانية وأتمنى أن تتكرر المناسبة لأكون قريبا من جمهوري.الكثير من الجمهور لا يعرف مسارك الفني. فكيف كانت البداية؟ كان عمري عشر سنوات حينما قررت العائلة الهجرة إلى كندا، طبعا الحرب التي عاشتها لبنان انعكست سلبا علينا، وبدا واضحا أننا لم نكن قادرين على توفير مصاريف العائلة التي تتشكل من الوالدين وأخويّ  الاثنين، فكانت الهجرة رغم أن لبنان يبقى في القلب، لأن هناك أمور سأكشف عنها ربما لأول مرة. كثيرون يتساءلون هل سافرت إلى كندا من أجل الغناء أم هروبا من الفقر، وأنا اليوم من خلال “الخبر” أقول إنني سافرت إلى كندا هروبا من الفقر الذي كنا نعيشه، ومن الواقع المر الذي كنا نحياه، فعائلتي عانت الكثير من أجلي ومن أجل إخوتي، ولأننا كنا لا نملك مصاريف قوتنا، كان لزاما علينا أن نبني حياة جديدة فكانت كندا الوجهة.ورحلة الغناء متى انطلقت ؟ غادرت لبنان وأنا بن العاشرة، ولكن ولوجي عالم الغناء كان في سن الـ 13، حيث صعدت لأول مرة على ركح المسرح بالمدرسة في برنامج لاكتشاف المواهب يقام كل سنة للطلاب، قررت مع شباب أصدقائي مزاحا أن نصعد على الركح للقيام بتجارب ومقلب للأساتذة، فلما جاء دوري غنيت من كل قلبي، طلبني الأساتذة عندما انتهى الحفل، وقبل أن أعتذر منهم بسبب المزاح، دعوني لأواصل معهم البرنامج لأنني أملك موهبة وبإمكاني تفجيرها، لكن شرط دون الأصدقاء الذين كان صوتهم نشاز. طبعا.. لم أتردد رغم الخوف الذي كان ينتابني من لحظة لأخرى، وبعد شهر من التدرب، ولما جاء يوم الحفلة، طلبت من الأساتذة أن أؤدي الأغنية، وما إن صعدت المسرح وفي حضور أمي، شرعت في الغناء على طريقة “بلاي باك”، ولكن لم أكن مقتنعا، فطلبت أن أؤذي الأغنية مباشرة بصوتي بدل من ذلك، فزال الخوف وصعدت المسرح لثالث مرة، وغنيت دون موسيقى، وما إن انتهيت حتى انفجر الجمهور الحاضر مصفقا وكانت أولى بداياتي مع الغناء، فكان اكتشاف موهبة جديدة اسمها “مساري” رغم اعترافي أن الدنيا كانت قاسية معي كثيرا، فلم تعطني يوما شيئا بسهولة، فأنا كوّنت نفسي بنفسي، أكتب وألحن، وفي الفترة الأخيرة قرّرت العيش بلبنان وأنا بصدد التحضير لمشروع فني مع فنانين عرب.وأول مرة في الأستوديو كيف كانت؟ أول مرة دخلت الأستوديو كان عمري 20 سنة، لأن أبي يملك محل سوبرماركت، وكثيرا ما كنت بعد الدراسة الجامعية أقوم بمساعدته، فمرة جاءني صديق وطلب مني مشاركته حفلة وحينها ما زلت بعد لم أختر الاسم الفني الحالي، فقبلت العرض وبعد ثلاث سنوات سجلت أول ألبوم، ثم قررت مع زملاء الدراسة تأسيس شركة في مدينة “أوتاوا” لرفع التحدي بعد أن أوصدت الأبواب في وجوهنا، وأصدرت أول أغنية لي باسم “سمار في “ سنة 2003 بالتعاون مع فنان أمريكي كبير، والتي ظلت لليوم في القمة، لأن السر فيها هو المزج بين اللحن العربي والكلمات بالإنجليزية .ثم بعد ذلك كانت أغنية  “بي إيزي “ التي “كسرت الدنيا”، ولأن هدفنا بدأ يرى النور، لأننا رسمنا خطة عمل لإيصال موسيقانا إلى أمريكا، وبعدها لبنان الذي كان في تلك الفترة بمثابة بوابتنا على الوطن العربي، خصوصا لبنان التي كانت تحتكر كل استوديوهات الفنانين والحصص الفنية، فقمت بحفلتين بأمريكا  فكان النجاح الكبير، والذي فتح لنا الغناء في كل أنحاء أمريكا فيما بعد.الكثيرون يسألون عن سر تسمية مساري؟ رغم كل النجاح الكبير الذي حققته، وعكس بعض الأسماء الفنية الكبيرة التي تغير اسمها لتحقيق النجاح ودخول السوق بقوة، ويتنكرون لأصلهم، تصور أنه بعد أحداث نيويورك 11 سبتمبر، تنكّر الجميع لأصله، فاخترت السير ضد الموجة، وقرّرت أن أتبنى اسم “مساري”، بما يحمله من معاني عربية، لأن كل شيء في حياتي كان بصعوبة، ولأني عانيت الأمرّين في بداياتي الفنية والحياتية، ولأن كل شيء متوقف على الـ”مساري” أي الأموال “اللبنانية”، ولأن اسمي الحقيقي هو ساري عبود.علّمك الفقر أن تكون رجلا قويا من خلال شخصيتك؟ أنا شاكر كثيرا لأني من خلالكم سأوصل رسالتي لجمهوري الجزائري، ربما الله اختارني لهذا الامتحان، منذ صغري تعلمت مبادئ الإسلام الحنيف، فالوالدين علماني أن أعامل الناس بالحسنى، بعيدا عن الديانة والانتماء، فلو كان بيننا التحاور لما وصلنا لما نحن عليه اليوم، هذه الإرادة كانت نعمة من الله، فقررت أن أعمل وأن أتوكل على الله ومهما كانت النتيجة فأنت بشر قد تخطىء وقد تصيب.غادرت لبنان وأنت فقير فكيف كان استقبال الجمهور اللبناني لك وأنت نجم ؟ عندما رجعت إلى لبنان، سلّمت على الأرض لمجرد أن وطأت أقدامي المطار. فرحوا كثيرا لأني أتكلم عربي وحققت نجاحات في أماكن كان الكثير يحلم بها. الحمد لله لا يوجد فنان من قبلي فرض وجوده في كندا وأمريكا، إحساس كبير بالمسؤولية وغير طبيعي حملته على عاتقي، لأني أمثل شعبا بكامله. والحمد لله لم أغير الطريق، وبقيت محافظا على نفس النوع. غنيت للسلم والحب، لأني أسعى لأن أغير الاسم في الواقع، لما يعرف الناس قيمة الاسم “مساري” الذي هو المال، لأن الأهل ورضاهم ووالدي هما جناحي اللذين أطير بهما وأحلق عاليا في سماء الأغنية.هل ساعدتك العائلة على النجاح فنيا؟ تبقى نصيحتهم لي بالدراسة أولا، قبل الغناء هي الأهم، والحمد لله حققت لهم الحلم، وأكملت دراستي الجامعية، ونجحت فنيا، فأنا لا أحسن التمثيل أعيش بعفوية كبيرة فمساري الفنان، هو مساري الإنسان  وهذا سر نجاحي عائليا وفنيا.زيارتك للجزائر كيف وجدتها ؟ الجزائر هي فخر لكل العرب، لها مكانة كبيرة في لبنان، فبلد المليون ونصف المليون شهيد، هو أكبر مثال عن الشعب الرافض للعبودية، ويكفي أن والدي كان دوما يحدّثنا عن الجزائر، والغناء في الجزائر كان حلمي وتحقق، وأنت في الجزائر تحس أنك في وطنك، لأني ما شعرت بالغربة وأنا بينكم، أنا أفتخر بكم وتاريخكم مضرب المثل.كعربي كيف تنظر للربيع العربي أو الخراب العربي ؟ يا ريت كان ربيعا عربيا، أنا دائما أقول السياسة عند البعض مثل البزنس، المهم كيف يستفيدوا وليس كيف يفيدون شعوبهم، ليس ربيعا عربيا هو خرابا عربيا، فكل البلدان التي حدث فيها هذا الربيع رجعت للوراء مائة سنة، دمرت البنية التحتية، صار فيه انقسام بين الشعب الواحد بين طائفي وديني، ولو نحترم بعضنا ونحترم الإنسانية في كل واحد فينا لما وصلنا لهذا الوضع، فخسارة أن الحيوانات تعامل بعضها البعض أحسن منا نحن البشر، مثل هذه الأمور تدمي لها القلوب.من هم الفنانون الذين تستمع إليهم ومن هو مثلك الأعلى؟ في مقدمة هؤلاء، أستمع كثيرا للشاب خالد، فقد أعجبت به كثيرا، يكفي أنني من عشاق اللون الموسيقي الجزائري. يبقى جورج وسوف مثلي الأعلى، أعشقه منذ الصغر، فهو فعلا سلطان الغناء العربي، لأن صوته يهز الأرض، فحفلاته كانت قمة في الحضور، يغني بحنان كبير ويوصل الكلمة لأبعد الحدود، مثل ما يستطيع يبكيك في ثانية، يقدر يضحك في ثانية أخرى .نتحدث عن حياتك الشخصية ، هل أنت متزوج؟ لست متزوجا، لكن أفكر بجد في الموضوع، وعما قريب سأكمل نصف ديني، رغم أن مهنتي وسفري الدائم يخليني أحس أني حامل مسؤولية كبيرة لا بد من تحقيقها، أنا أحترم المرأة كثيرا فهي الأم والأخت، هي أساس الدنيا كلها، كم هي مهمة أن أكون رب أسرة. على العموم “الزواج نصيب ويوم ما تجي الزوجة المناسبة مرحبا بها”، المهم أن يكون قلبها كبير وصادقة معي وستكون رفيقتي في كل رحلاتي الفنية، والمرأة التي سأتزوجها لابد أن أتعرف عليها قبل الارتباط، لا أحب المرأة التي تغير فهي مصيبة، إما ما عندها ثقة في نفسها، إما ما عندها ثقة في زوجها، والرجل دون امرأة لا شيء، والرجل الذي عنده امرأة يمتلك كل شيء .علاقتك مع أمك كيف هي؟ علاقتي مع أمي قوية جدا وأحكي لها كل شيء، وعلمتني كثيرا، لأنها تملك أذن موسيقية، فكثيرا ما تصحح أخطائي وتشاركني اختيار أغنياتي. وهي تعرف جيدا أنني شخص حساس، لذلك فانتقاداتها عادة ما تكون بطريقة سلسة. نحن ثلاثة إخوة ذكور ما عندنا بنات وأنا أكبرهم ولا واحد منا تزوج، فهم يشتغلون في البيزنس وبعيدين عن الفن أساسا. أمارس الرياضة، فمهنتي تدفعني لذلك وصورتي لا بد أن تظل جميلة في أعين عشاقي وجمهوري، أنا معجب بفنانين آخرين والشيء الجميل فيهم سيعجبني حتما، ورياضتي المفضلة هي كمال الأجسام وكرة القدم وليس لي فريق مفضل أناصره، رغم أني أكشف لك عن سر، وهو أن العائلة مناصرة وفية للمنتخب الجزائري، ففي كأس العالم ناصرت الخضر وكنا نتابع مباريات الخضر بشوق كبير، وأتمنى أن تعيدوا ما فعلتموه في البرازيل .كلمة أخيرة؟ أنا دائم التفكير في أشياء كثيرة، وفي أحيان أخرى لا أجد الفرصة للحديث عنها وأغوص فيها بقدر ما أنا اليوم سعيد لأني وجدت فضاء للبوح بها. أتمنى أن أكون قد أوصلت الرسالة للشعب الجزائري الذي له في قلبي مكانة خاصة جدا ولقراء جريدة “الخبر”، كل عام وأنتم بخير ومزيدا من النجاح والتألق لكم في الحقل الإعلامي.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات