+ -

تأخّر الإعلان عن افتتاح الطبعة الـ 37 من مهرجان تيمڤاد الدولي لأكثر من ساعة ونصف، بسبب رداءة الأحوال الجوية التي ميزت منطقة باتنة، وتهاطل الأمطار على المسرح، لتكون بداية السهرة الأولى مغايرة عن السنوات السابقة، بصعود فرقة الرحابة الركح مباشرة، حيث أعطت الانطلاقة بواحدة من أشهر وأقدم الأغاني المعروفة بالمنطقة، “راهم داروا لعراس.. والمحفل جبة” معلنة بذلك بداية العرس الثقافي والفني العالمي لمدينة تيمڤاد.ظهرت على دوي البارود أولى بشائر سهرة افتتاح مهرجان تيمڤاد، التي أرادها الديوان الوطني للثقافة والإعلام ومحافظة المهرجان أن تكون عبارة عن كوكتال محلي خالص، من مختلف ربوع الوطن، وبكل الطبوع الفنية الجزائرية، ليفسح بعدها المجال للرسميات وإعلان انطلاق المهرجان، من قبل المفتش العام لوزارة الثقافة رابح حمدي، ناب عن وزير الثقافة، الغائب عن الافتتاح، بينما حضرت وجوه فنية معروفة كضيوف شرف من بينهم الفنان رابح درياسة الذي أمتع الحضور بقصيدة شعرية، إلى جانب محمد العماري والموسيقار قويدر بوزيان، إلى جانب محافظ مهرجان الفيلم العربي بوهران إبراهيم صديقي.استهل سهرة الافتتاح نجم الأغنية الأوراسية نصر الدين حرة، حيث أعاد إحدى روائع عملاق الأغنية الشاوية عيسى الجرموني “عين الكرمة”، وبتوزيع موسيقي أبدع فيه المايسترو فريد عوامر وفرقته التي رافقت كل الفنانين، قبل أن يمتّع الحضور بجديده “بنت البارود .. طفلة شاوية” التي هزت الركح. تواصلت سهرة الافتتاح في تمازج جميل وتنوّع الطبوع، فمن الشاوي إلى الطابع الصحراوي، حيث حط بساط ريح تيمڤاد بالصحراء، مع المتألقة سعاد عسلة التي رحلت بالحضور حتى السودان من خلال “جابونا”، قبل أن تؤدي رائعة من روائع رابح درياسة التي حركت من خلالها الفنان فقام من على كرسيه وراح يعيد معها في تجاوب كبير وبلحن أبدع فيه عوامر وفرقته، ليواصل محمد لعراف الذي أعادنا إلى الزمن الجميل للأغنية البدوية، التحليق عاليا.حضرت أيضا أغنية “الراب” مع المغني الشاب عزو الذي فرض صمتا رهيبا على المكان، بعد أدائه لأغنية من قصيدته “عن الجزائر وما يحدث في غرداية”، خاصة حين بكى وأبكى معه الحضور، في تجاوب لم يعهده الجمهور من مغن تعوّد على تحريك المدرجات، ليعود بعدها بأغنية “طفي نار الفتنة “ التي أكدت عمق الجرح وصدق الكلمة.وُبعث كمال مسعودي من جهة أخرى، فأشعلت شمعته من على ركح ثاموڤادي بصوت ريم حقيقي، التي أعادت للمرحوم أغنية “مالي مالي مال الشمعة” التي أرادها الجميع في سهرة الافتتاح أن تضيء الجزائر وكل ربوع الوطن. كانت النغمة الوهرانية حاضرة أيضا من خلال المتألق عبد القادر الخالدي، الذي صال وجال على الركح، والشيء ذاته كان مع الحاج معطي الذي باح بسره للجمهور من خلال أغنيته الموسومة “دزاير زينك خطف عقلي”. وبعد أن طاف بساط تيمڤاد بالحضور في ربوع الوطن، أراد أن يستريح على قمم الأوراس الأشم، مع الصوت الصادح لفنان الأغنية المحلية عبد الحميد بوزاهر الذي أمتع الحضور بأغنيته “لويزة”، مادحا ومتغزلا بحب وجمال الجزائر وزاوج من خلالها بين العصري والتقليدي. غرداية الحاضرة في القلب ومن على الركح بفرقة إيثران التي أمتعت وتألّقت وتمكّنت من كسب ود الجمهور الحاضر، من خلال التجاوب الكبير مع أغانيها. ولأن من يصل غرداية لا يمكنه أن يعود دون أن يعرّج على المنيعة بلد الأصالة والتراث، كانت الوقفة مع فرقة الجوهرة السمراء التي أعادت الإبحار مع أغاني حب الوطن والدعوة إلى وحدة الصف.لم يرفض بساط ريح تيمڤاد أن يبرح الصحراء دون أن ينقل للجمهور نغمات فرقة أمزاد التي غاصت في عمق تراثنا، آخذة معها زوار الركح في رحلة أعادت للأذهان الزمن الجميل للأغنية التارڤية بصوت المرحوم عثمان بالي. ومن الصحراء أبى بساط الريح إلا أن يعرّج على منطقة القبائل الكبرى وبصوت المتألقة تينهنان التي أمتعت وأبدعت في وصلتها الغنائية. كان الدخول في السهرة الأولى مجانيا، تمكّن الجميع في حفل جزائري خالص، من إسماع صوت الجزائر وآهات أهالي غرداية، وتحقق السهرة الأولى شعار الطبعة الـ 37 “شعب واحد..وطن واحد”، وأكد أن المهرجان يبقى وفيا لكل ما هو خير للجزائر وللوطن العربي، ويبقى عميد المهرجانات الجزائرية رغم كل الصعوبات.أصداء المهرجان¯  سيكون الموعد مساء اليوم مع النغمة الشبابية والنجم العالمي ذو الأصول اللبنانية “مساري” وكذا الفنان “لاكريم”، إلى جانب الفنان الشاوي حميد بلبش ونجمة الأغنية الشبابية “الزهوانية”.¯  عرفت ليلة الافتتاح من المهرجان الدولي، حضور الفنان رابح درياسة، مما عوّض غياب الشخصيات الرسمية عن حفل الافتتاح، حيث رحّب الجمهور كثيرا بضيوف الشرف، وسُعد بلقائهم من خلال ردة فعله فوق المدرجات.¯  عرقلت الأمطار التي تهاطلت انطلاق ليلة الافتتاح وعرف المسرح بعض الأشغال بسبب تجمع المياه أمام المنصة، مع أن بعض زخات المطر التي نزلت في المساء، أضفت جوا رومانسيا جميلا على حفل الافتتاح، وزادت من متعة الجمهور الحاضر.¯  اختتمت الليلة الأولى بتكريم كل من المرحومين “كمال مسعودي وكاتشو” من خلال استحضار بعض أغانيهما من طرف الفنانين المشاركين، وهي المبادرة التي تفاعل معها الجمهور كثيرا.¯  كان  مهرجان  تيمڤاد  بمثابة المعيار الحقيقي لكشف نقص مرافق الإيواء والفنادق على  مستوى ولاية باتنة، حيث حجزت كل الفنادق على قلّتها، مما أجبر الديوان الوطني للثقافة والإعلام على حجز غرف  لبعض الصحافيين والفنانين بقسنطينة.¯  غاب نجم الأغنية القبائلية أكلي يحياتن عن السهرة الأولى اضطراريا بعد وعكة صحية طارئة ألمّت به، سويعات قبل بداية الحفل، ولكنه مع هذا سجل حضوره بالركح كضيف.قالوا عن مشاركتهم..سعاد عسلة قالت سعاد عسلة “فخورة بمشاركتى مرة أخرى في مهرجان تيمڤاد الدولي، وبما أن الافتتاح كان جزائريا خالصا، فإنني ومن على هذا الركح أدعو أبناء وطني إلى إطفاء نار الفتنة والابتعاد عن العصبية، لأننا أولا وأخيرا أبناء وطن واحد”، ولم تنس أن تذكر أنها بصدد إصدار شريط غنائي من 12 أغنية كلها تدعو للمّ الشمل ونبذ العنف أيا كان مستعمله.عزو قال إن “أغنيتي “طفي نار الفتنة“ رسالة لكل الحقودين على هذا الوطن والدين، ودعوتي هي من عمق أبناء هذا الوطن، ارفعوا أيديكم عن الجزائر والدين الإسلامي، فليس لنا وطن آخر غير الجزائر ولا دين ثاني غير الإسلام”. أكد عزو أنه هو الآخر بصدد التحضير لإصدار ألبوم جديد من 12 أغنية ستكون عبارة عن مزيج بين العاطفي والاجتماعي.عبد الحميد بوزاهر   مشاركتي في هذا المهرجان بأغنية “لويزة” التي أهديتها خصيصا للجزائر التي أراها “لويزة” في عين كل غيور على وطنه.ندى الريحان سعيدة بعودتي للمهرجان بعد غياب دام قرابة الثلاث سنوات ومروري على ركحه والأغاني التي أديتها مهداة بالخصوص للمرحوم شريف قرطبي ولأهالي غرداية. طبعا افتتاح الطبعة الـ 37 من المهرجان أعتبرها ملحمة وطنية كبيرة ساهم فيها الجميع وأوصلنا صوت الفنان، ومن خلاله صوت الجزائر لكل ربوع العالم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات