مصطلح (رجل المرحلة) له مفهومه عند الأمم القوية برجالها وبتاريخها وبعراقة تقاليدها في الحكم وسياسة الشعوب، أما في الجزائر لا مكان لهذا المفهوم سواء عند الدولة أو حتى عند الشعب الذي يكره التحول ويفضل بقاء الشخص في منصبه مهما كان هذا المنصب، لأنه يخاف المجهول ويربأ بنفسه عن وجوه جديدة.الله سبحانه وتعالى لم يجعل الخلد لأنبيائه لا في الحياة ولا في قيادة الناس، فبمجرد تبليغ الرسالة يتوفاهم الله، وفي المثال الدنيوي “وينستون تشرشل” مخلص بريطانيا العظمى من نير النازية، لم يكن سوى رجل مرحلة ارتبطت بحرب وراح لسبيل حاله، ولو أراد البقاء لكان له ذلك لما له من فضل على المملكة التي خدمها بعقله وفكره وجهده.عندنا في هذا الوطن الحبيب يتجسد مفهوم (رجل المراحل) الخالد في المسؤولية، فلا عجب أن ترى مسؤولين من بداية العشرية الأخيرة للقرن الماضي متقلدين لمختلف المناصب، تجدهم يفهمون في الحكم الأحادي ويدافعون عنه، وهم أنفسهم يفهمون في التعددية ويدافعون عنها، وهم من يفهم في توقيف المسار الانتخابي ويدافعون عنه، وهم كذلك من يفهم في محاربة الإرهاب وحرب الاستئصال ويدافعون عنها، وهم أيضا من يدافع عن التداول على السلطة بعهدتين في الدستور للرئيس، ثم يتبنون سياسة الوئام المدني والمصالحة الوطنية ويدافعون عنها بأن لا خيار سواها، وتجدهم هم الأوائل الداعين والمنظّرين لفتح العهدات الرئاسية، لأن الرئيس يجب أن يكمل برنامجه..هؤلاء كذلك من كانوا ينظّرون لسياسة غلق المؤسسات في التسعينات وطرد العمال لأنهم يفقهون كذلك في سياسة التقشف التي ضربت البلد في التسعينات، ووحدهم من يستطيع تسيير البلد ببضعة دولارات لبرميل النفط، وهم أيضا من سيّر البلد وسعر البترول متجاوز لـ100 دولار، إذ وحدهم من يفهم في سياسة البذخ، وهم ذاتهم من يدعوننا اليوم للتقشف، لأن البترول تهاوى، ولأن خبرتهم التي اكتسبوها في القرن الماضي ألهمتهم ضرورة تقشف الشعب ولم تلهمهم ابتكار بدائل لهذا الاقتصاد المعتمد على الريع، والذي بإمكان أي جاهل أو مجنون من مستشفى فرانز فانون تسييره، مادام يعتمد على بيع البرميل وقبض ثمنه.. نعم إنهم رجال المراحل المخلدون لم تجنب أمهاتهم سواهم، وباقي الأمهات أنجبت أحمالا ثقيلة على بطونها وعلى هذا الوطن، باقي الأمهات أنجبت بشرا عليه أن يهتم برغيف الخبز الذي يضمنه له أبناء الأمهات ذوات البطون الذهبية.بأي حق تحصرون اقتصاد بلد قارة حباه الله بكل الخيرات ببرميل نفط لا تتحكمون في أسعاره التي هي بأيدي سماسرة الغرب؟ بأي حق تفوتون على هذه الأمة نهضة اقتصادية وثقافية وحضارية كانت عشرون سنة كافية لوضعها على الأقل في مصاف دول العالم الثاني؟ بأي حق تربطون مصيرنا بسوق زائل وتتجاهلون أسواق المنتجات الأخرى من زراعة وصناعة وتربية حيوانية وغيرها من الاقتصاد المنتج؟ بأي حق تخيفون اليوم الشعب وأبناءه بمصير مجهول وغامض ينتظرهم أنتم من صنعه؟جمال مكاويأخي جمال لو كانت لي سلطة في هذا البلد لفرضت على كل السياسيين في هذه الديار بأن يحفظوا نص خطاب أوباما في أديس أبابا عن ظهر قلب!كل الناس الذين تابعوا هذا الخطاب أحسوا بأن الرئيس الأمريكي يتحدث عن الجزائر بصفة خاصة وعن السودان ومصر.هل الإمبريالية الأمريكية تحولت إلى إمبريالية ديمقراطية في نظر هؤلاء اللاصقين في الكراسي!حديث أوباما عن الحكام الذين يموتون في الحكم.. وعن الرؤساء مدى الحياة الذين تعاني منهم إفريقيا والمنطقة العربية جعلني أحس أن أوباما أحسن مناضل جزائري وطني ولا يوجد مثله في دواليب المعارضة الجزائرية أو حتى السلطة الفعلية.أنت على حق يا رئيس أمريكا.. بلدنا يحكمها رئيس مدى الحياة، والزمر المحيطة به تقول: إن مصير البلاد سيكون في مهب الريح إذا غادر الرئيس الحكم؟[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات