+ -

بعض القراء يتهمونني بالعمالة للسلطة، ويقولون: بعض هذه الشجاعة التي تمارسها في العمود لا يمكن إلا أن تكون بتأييد وحماية من نافذين في السلطة في سياق سياسة التنفيس!وقرّاء السلطة وتوابعها يقولون: إن وقاحة العمود تدل على حالة مرضية لصاحبه.. والمجنون لا يحاسب عما يقول.في حين يقول آخرون: إن ما يأتي به العمود هو كلام صبيان! وبوْل الصبي لا ينجس وتجوز الصلاة به ! وهذا هو حال السلطة مع ما يكتب هنا! وفريق آخر يبالغ في الشطط ويطالبني بالحلول وألا اكتفي بطرح المشاكل فقط! يطالبني هؤلاء بأن أكون حكومة وبرلمانا ومعهد دراسات وليس صحفيا ينقل ما يسمعه ويراه إلى القراء بعين نقدية.في بعض الأحيان يصيبني الإحباط من بعض تعاليق القراء، فأحس أنني في نظرهم مجرد “بوّال لكلاب الرئيس..”! أي أن حالي مع رجال الحكم لا يختلف عن ذلك الفلاح الريفي الشهم الذي أضاع أرضه وذهب يشتغل عند المعمّر الذي أخذها منه في وظيفة محترمة مثل وظيفتي أنا، وهي أن يقوم ذلك الفلاح بمصاحبة كلب المعمّر المدلل، كل صباح، للتبوّل في حدائق “الشاطو”، وكثيرا ما كانت إرادة التبوّل للكلب تغلب إرادة راعيه في التبوّل، فيصبح الكلب هو الذي يحدد النبتة التي تحظى بشرف التبوّل عليها!أقول هذا لأن حال بلادنا صفر في كل شيء.. حتى في هذه المهمة التي كانت تسمى “صاحبة الجلالة” ثم “السلطة الرابعة”، وهي الآن في الغرب أصبحت “سلطة السلط”، أي السلطة الأولى... لكن عندنا ما تزال قريبة جدا من حكاية بوّال كلاب الرئيس، الذين عادة ينبحون بالتأييد والمساندة لكل شيء! و”يلحلحون” بمؤخراتهم كما تفرح الكلاب بصاحبها بتحريك ذيولها !ويبقى السؤال: هل حقيقة السلطة والمعارضة والشعب لا يعرفون الحل لما نحن فيه من مهازل وكوارث سياسية وأمنية واقتصادية، ويطلبون من “بوّال كلاب السلطة مثلي” أن يضع لهم الحل؟!الحل يعرفه الجميع وبالتدقيق، وهو الكف عن تزوير إرادة الشعب في اختيار حكامه، والكف عن السرقة والرشوة ونهب المال العام، والكف عن الجهوية والمحسوبية في إسناد المسؤوليات، وإبعاد الرداءة من دواليب مؤسسات الدولة، كل مؤسسات الدولة، وتثمين العلم والعمل وتقديمهما وتمكينهما وإعمالهما في الحياة.. عندما سئل مهاتير محمد عن سر نجاحه في ماليزيا، قال إنه حارب الكسل وقدّس العمل والعلم! وعندما سئل أردغان عن سر نجاحه في تركيا، قال إنه قطع دابر الفساد ومكّن للعلم والعمل!وماركس قال: بالعلم والعمل تصبح المادة أكثر إنسانية ويصبح الإنسان أكثر مادية... والحضارة في النهاية هي أخذ المادة بعض خصائص الإنسان، وأخذ الإنسان بعض خواص المادة.. أليس الحاسوب يشبه عقل الإنسان!هذه ليست فلسفة... فالعمل هو أصل الحضارة.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات