أم تنزع أحشاء ابنتها على طريقة القرون الوسطى

+ -

كثيرا ما تناهى إلى أسماعنا في زمن الطفولة حكايات وقصص كانت ترويها الجدات، عندما كان برد الشتاء القارس يعصر البسيطة عصرا، ما يضطرك إلى البقاء داخل أسوار البيت تزاحم إخوة لك على مكان قرب الموقد المشتعل، ولتهيئ نفسك لسماع قصة بيت الرعب التي كانت تحكيها الجدة بكثير من الصبر والتأني والتشويق والإثارة. لم تكن وحدك التي كانت تثير فيك هذه القصة غريزة الخوف.. أيام ذهبت، وطواها الزمن وأخذت معها الكثير من أجوائها وحميميتها، وقصص لجدات تحولت إلى شيء من الخرافات والأساطير، لم تعد سوى ذكرى في المخيال الشعبي، ولا شيء سوى ذلك.واحدة من هذه القصص والحكايات عادت في هذه الزمن العصري المتقدم، عصر الثورة الرقمية والتكنولوجيات، عبر امرأة من هذه الزمن، لكنها تحمل عقلية من القرون الوسطى، أرادت اجترار زمن الأساطير والخرافات فقامت صباحا على وهم صوّر لها أن ابنتها التي لم تتعد 17 ربيعا حامل في شهرها الثالث، وأن الأمر جلل يقتضي أن تضع هذا الحمل قبل أن ينكشف الأمر على فضيحة، وهو ما تم..  الفتاة لم تكن حاملا ولم يمسسها بشر، كان فقط وهما ضخّمته في نفسية مهترئة لأم تبين أن أفكارا ليست من الواقع في شيء واختلالات دماغية سيطرت عليها، جعلتها تعمل على تخليص ابنتها من حمل كاذب لا وجود له في الحقيقة إلا في خيالها هي فقط.. أدخلتها الغرفة وقامت بنزع أحشائها محولة تلك الغرفة إلى حمام من الدم، جثة هامدة في مكان قصي منها، في ديكور أشبه بأفلام تحمل توابل هيتشكوكية، جانب من حياة لا تطاق لمصاصي الدماء .. قرأنا عنها الكثير، وسمعنا عنها ما كنا نطلق عليه بعضا من الخرافات والأساطير.ليلة رعب في البيت الهادئ..تفاصيل هذه الجريمة التي أثارت موجة من الاستياء والتقزز في أوساط كل من سمع بها أو كان قريبا من مسرح وقوعها لم تكن لتعطي الانطباع بأننا نتحدث عن مأساة قلما توجد أبشع منها على الأقل في الزمن الحالي، وإنما يوحي لك ذلك بأنك تتصفح كتابا، أو أمام حضور راو، وهو يسرد عليك أساطير وخرافات لجرائم وقعت في القرون الوسطى، أو مشاهدة فيلم من أفلام الرعب، التي عادة ما تعبر لك عن إسقاطات مشهد منه في كوخ معزول في ركن قصي من الغابة تدار فيه عمليات جراحية بالسواطير والكلاليب، وما إلى غير ذلك..الواقعة حدثت في إحدى المناطق النائية من ولاية المسيلة، وبطلتها أم في العقد الرابع من العمر، لم تكد تسمع من ابنتها، ذات 71 ربيعا أو أقل من ذلك، بأنها من لم تحض منذ شهرين، إلا وقامت بممارسة عقدها النفسية عليها، حيث أغلقت عليها باب الغرفة وفي صمت الليل قامت بنزع أحشائها كلها بعد أن استأصلتها بكلتا يديها موقعة بذلك لها نزيفا حادا أدى إلى وفاتها على الفور، ثم أرغمت زوجها وأبناءها على ركوب الصمت وعدم الخروج من البيت إلى غاية تنظيف المكان من الدماء والتحضير للجنازة والعزاء، قبل أن يفتضح الأمر وتساق إلى التحقيق ومن ثم الاعتراف بأطوار الجريمة كاملة..الخبرة الطبية تؤكد إصابة الأم بمرض نفسي لكن قدراتها العقلية سليمةملف القضية التي عدت الأبشع في تاريخ الإجرام بالولاية كانت محل قرار صادر من قبل غرفة الاتهام بتاريخ 29 نوفمبر 2009 يقضي بعرض الأم المتهمة على طبيب مختص في الأمراض العقلية، وتبين من خلال الفحص بأنها مصابة بمرض نفسي نتج عن تعرضها لاضطراب في الشخصية منذ خمس سنوات مضت، وذيّل ملاحظاته بأن هذا المرض لا يمكن أن يؤثر إطلاقا على قدراتها العقلية، الأمر الذي لا يمثل دافعا لإعفائها من المسؤولية الجزائية، باعتبار أن المرض نفسي وليس عقليا، وتأكد للخبير أيضا أن تصريحات المتهمة طيلة كل مراحل التحقيق كانت مفهومة ومتناسقة ولا تدعو لأدنى شك من الصحة العقلية لمرتكب الجريمة، بالرغم من أعراض المرض التي بدأت تنتاب هذه الأخيرة وتعمدها افتعال حركات هستيرية لإيهام بأنها عرضة لمس من الجن وما إلى غير ذلك، لكن بعد فوات الأوان، حيث كانت اعترفت بإجهاض ابنتها، وهو الفعل الذي أدى إلى وفاتها بعد أن توهمت أو افترضت بأنها حامل.ممثل الحق العام: “أبشع جريمة إجهاض منذ سنوات طويلة” استهل ممثل الحق العام مرافعته بالحديث عن كثير من مظاهر الخرافة والوهم والبدع التي أضحت أمرا شائعا في مجتمع كان من المفروض أنها اندثرت فيه مع مرور الزمن ولم تعد حكرا على هذا الزمن الموسوم بالتكنولوجيا، وأكد بالدليل والقرينة أن نية القتل كانت واضحة ولا لبس فيها، “إذا كان ولابد فتوصيف الإصرار كان جليا كذلك، وإلا فبماذا يفسر عدم استشارة الأم لطبيب خاص بأمراض النساء يكون الفيصل في أمر صحة من عدم وجود حمل بالمرة، ما قد يجنب الفتاة الضحية نهاية مأساوية من هذا النوع”، ليذيل مرافعته بالتماسه معاقبة الأم بعشر سنوات سجنا نافذا وأربع سنوات في حق والد الضحية وعامين لخالة الضحية وزوجها، في أبشع جريمة إجهاض عرفها إقليم ولاية المسيلة منذ سنين طويلة، كما وصفها هذا الأخير.3 سنوات سجنا لقاتلة فلذة كبدها على طريقة “لي فومبير” أصدرت محكمة الجنايات التابعة لمجلس قضاء المسيلة حكما قضى بإدانة أم في العقد الرابع من العمر بارتكابها جناية الإجهاض المفضي للوفاة، والتي راحت ضحيتها ابنتها البالغة 17سنة، ومعاقبتها بثلاث سنوات سجنا نافذا، فيما قضت المحكمة ذاتها بإدانة الزوج بعام حبسا موقوف النفاذ وتبرئة ساحة اثنين آخرين من تهمة المشاركة في الإجهاض، في أغرب قضية عاشها مجلس قضاء المسيلة.وقال القاضي إنه لأول مرة نجد أنفسنا أمام امرأة من زمن “لي فومبير” أو مصاصي الدماء، وقال إن حياة هؤلاء الأشخاص التي نقرأ عنها في الكتب القديمة، ونشاهد منها الكثير من نوعية تلك الأفلام التي أغنت السينما العالمية بمكتبة من أفلام الرعب وصنعت مخرجا من طراز وحجم ألفريد هيتشكوك، تكون تجسدت في هذه القضية التي بطلتها أم والضحية ابنة خضعت لإرادة قاتلها من باب الاحترام والطاعة لمن أنجبتها ولا تقوى على أن تعصي لها أمرا. المفارقة الوحيدة أن ذلك فيلم وهنا واقع، هناك شخوص تحيا بإرادة سيناريو الأحداث وتموت، وهنا موت بلا عودة ونهاية إلى القبر.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات