قال تعالى عن عباده: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} كلمتان جامعتان تصفان العلاقة بين اللّه والعباد: أمّا حبّه: فشرح صدورهم للإسلام وتثبيتهم على الإيمان، وأمّا حبّهم: فطاعته وطاعة رسوله.{يُحِبُّهُم}.. هذا عجيب ..!!لأنهُ غنيٌّ عنهم.. وهم فقراء إليه.. ولا يعتمدُ عليهم وهم يعتمدون عليه.. ولا يطلبُ منهم شيء، وهم يطلبونه كلّ شيء.عجيبٌ أن يُحبّهم وهم مخلوقون وهو الّذي خلق، ومرزوقون وهو الّذي رزق!{يُحِبُّونَهُ}.. ليس بعجيب.. فقد صوَّرَهم وهم أجِنّة، ثمّ أخرجهم من بطونِ أمّهاتهم وله المِنَّة، ثمّ هداهم للكتاب والسّنّة..لمّا قال سبحانه: {يُحِبُّهُمْ ويُحِبُّونهُ} تمَّ الوداد، والصّفاء.. وظهر الوفاق والوفاء..فمَن أحبّه اللّه هانت عليه المشاق، وانقلبت المخاوف أمانًا وانقشعت عنه سحائب الظّلمات، وانكشفت عن قلبه الهموم والأحزان، وغمر قلبه السّرور والأفراح، وأقبلت عليه وفود التّهاني والبشائر من كلّ جانب..قال ابن الجوزي في صيد الخاطر: سبحان مَن سبقت محبّته لأحبائه، فمدحهم على ما وهب لهم، واشترى منهم ما أعطاهم وقدّم المتأخّر من أوصافهم لموضع إيثارهم، فباهى بهم في صومهم، وأحبّ خلوف أفواههم.. فيا لها من حالة مصونة لا يقدر عليها كلّ طالب! ولا يبلغ كنه وصفها كلّ خاطب.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات