الحر يرمي بسكان الحضنة في أحضان الينابيع

38serv

+ -

 تتحوّل العديد من الينابيع المائية والعيون المنتشرة في أماكن عدة من تراب ولاية المسيلة،  طيلة أيام فصل الصيف الحار، إلى قبلة لمئات المواطنين يقصدونها يوميا للتزود بمياهها العذبة التي تضاهي أو تفوق في حلاوتها عديد العلامات التجارية التي تمتلئ بها الأسواق، وأيضا للتمتع بالطبيعة الخلّابة المحيطة بهذه الينابيع وسحر الأمكنة التي أضفى عليها الماء مسحة جمالية.ويكاد توجه معظم مواطني المسيلة في شهر رمضان كما في أيام الصيف الحارقة لا يشذ عن قاعدة ما سبقه من قبل، حيث يجد معظم هؤلاء أنه لا وسيلة للخروج من الرتابة التي تفرضها درجة الحرارة المرتفعة في مثل هذه الأوقات من كل عام، والروتين اليومي وقلة وسائل التسلية والترفيه وغيرها من المظاهر التي من شأنها إحداث انفراج على النفس والترويح عنها، إلا بالعودة إلى الريف والقرى، خصوصا القريبة منها إلى عاصمة الولاية، طلبا للسكينة وبحثا عن قليل من السكون والهدوء يحجز عنهم ضوضاء المدينة وفوضاها العائمة في كل مكان.  وتعد الينابيع المائية والعيون الطبيعية بامتياز واحدة من هذه المواقع والأمكنة التي أضحت مراكز استقطاب لكثير من هؤلاء، وتشهد الطريق الوطنية رقم 45 باتجاه ولاية برج بوعريريج، وتحديدا في ينبوع لمجاز، حركة مرور كثيفة للسيارات كل مساء للوصول إلى هذا الأخير في ديكور  أشبه بموسم للحج يصنعه مواطنون باحثون عن استثمار بعض الوقت في حضرة ينبوع قلّ نظيره من جهة، ومن جهة أخرى التزود بكميات من الماء العذب يزيد من نكهة مائدة الإفطار في رمضان وفي صيام الستة من شوال، في الوقت الذي ظلت تشكل فيه عين الجرابعة التي عاد إليها بهاؤها من جديد، وعين مازر بالدريعات ذات الشهرة الواسعة التي تعود حكاية بروزها إلى الوجود في سنة 1952 ومازالت كأنها أنجزت بالأمس القريب، واحدة من أهم الأمكنة التي تأخذك باتجاه الطريق الوطني رقم 60 الرابط المسيلة بحمام الضلعة، مركز استقطاب هي الأخرى ومنطقة جذب للمئات من الزوار، سواء من عاصمة الولاية وحتى من البلديات التابعة لولايات أخرى أو تلتصق في الحدود معها. وقد زاد من التوافد المطرد على هذه العين تعبيد الطريق المؤدية إليها مرورا بقرية الدريعات باتجاه منطقة القصور المحاذية لولاية برج بوعريريج. ويرى محللون اجتماعيون أن أسباب التهافت على هذه الأمكنة خلال شهر رمضان بالذات يعود لوجود علاقة سببية وطيدة بين أهمية هذه المنابع والعيون من حيث الحاجة إليها بشدة خلال فصل الحرارة، والتزامن مع شهر رمضان الذي يضاعف أيضا الشهية والرغبة في جعل الماء العذب المبدأ والمنتهى في قوائم المأكولات، التي تصبح في المرتبة الثانية بعد هذه النعمة، وتكرس عملية القرب منها حتى لو تطلب ذلك السفر إليها عبر المسافات الطويلة. وفيما يرى البعض أن هذه الينابيع الطبيعية والعيون الملقاة في مناطق عدة، كان بالإمكان  أن لا تبقى مجرد أمكنة تصر الشهوة الإنسانية على التوافد عليها، بل لابد أن يترجم ذلك إلى تفعيلها على المستوى السياحي وجعلها محل استقطاب وجذب طيلة أيام السنة وليس في رمضان فحسب.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات