+ -

ساعات قليلة ويغادر الضيف الكريم إلى الله، الضيف الّذي أحيا ليالينا بأنس القرآن، وزين نهارنا بنبل الخصال والخلال، وألبسنا جلال الصّبر والرّحمة والعفّة والطّهارة، فجعل من النّاس ملائكة في الأرض يمشون، يرقبون الأجر والجائزة، أمّا الأجر فلقوله صلّى الله عليه وسلّم: “اللّهمّ لك صُمتُ وعلى رزقك أفطرتُ ذهب الظمأ وابتلّت العُروق وثبت الأجر إن شاء الله”.وأمّا الجائزة المفرحة فهي العتق من النّار لقوله صلّى الله عليه وسلّم: “للصّائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربّه”، فلا نودّع هذا الشّهر إلاّ بعد أن صقل النّفوس وهذّبها وغسلها من الذّنوب وأدرانها، فلكم أيقظ فينا رواقد الخير وأذكى فينا شعلة العبادة، وقوّم فينا معاملات مهلكة، لو لا الله ورحمته لكنّا بسببها هلكى، وبثقلها غرقى، ولكن الله سلم.وأعظم مظاهر الطّاعة الّتي يفخر بها الصّائمون هو الاجتماع والوحدة، حيث اجتمعوا على القرآن في تلاوة وصلّوا صفًا واحدًا في حلاوة، انصهرت العادات والتّقاليد في جسد واحد وحركة واحدة وفي شكل واحد، سحابة النّهار وآناء اللّيل لم يجد له الشّيطان في ذلك مدخلاً، قد يئس أن يُعبد في الأرض ولكن في التّحريش بينكم كما في الحديث الشّريف، فلنأخذ سلاحنا ضدّه {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} فُصّلَت:34-36.فليكن العيد مظهرًا للاجتماع كما كان رمضان سببًا لذلك، وكونوا عباد الله إخوانًا.* أستاذ بجامعة المسيلة وإمام ببوسعادة

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات