أعتقد أن الجزائر كجغرافيا وتاريخ، أكبر من النظام الحاكم فيها، إن لم نقل إنها أكبر من الشعب أيضا، فهذا (البلد/ القارة)، تبارك الله وما شاء الله، يحتاج إلى حكام من طراز خاص، من كبار العقول والهمم والنفوس، لا من كبار البطون وأصحاب الجشع والطمع والخيانة. أما الشعب، فلا يكفي فيه أو معه العدد، وربّ “كمشة نحل خير من شواري ذبان”، كما يقول المثل العامي الجزائري.. والعلاقة بين السلطة والشعب علاقة تبادلية، إن لم نقل جدلية، فرجال السلطة ونساؤها هم أفراد من الشعب وأبناؤه، وعليه يصح القول: إن صلح الشعب صلح حكامه.. والعكس لا يصح.. وقد ورد في الأثر: “كما تكونوا يولّى عليكم، وإنما هي أعمالكم عمالكم”، ولذلك أرى أن على شعبنا إصلاح أحواله في كافة الميادين والمجالات، حتى يصلح نظامه.. وفي القرآن الكريم حقيقة بديهية لا يمكن نقضها أو دحضها أبدا: (إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم).الزهايمر: الجزائر يا الزهايمر.. لقد ذكّرتني بحوار جرى بين مسؤول أمريكي وآخر جزائري حول أزمة الجزائر في التسعينيات.. فقال المسؤول الأمريكي للجزائري: إن بلدكم شاسعة وأكبر مساحة من إمكانيات الحكام في الجزائر.. وهذا هو سر المشاكل التي تواجهونها في الجزائر.. والأفضل هو الاتجاه نحو البحث عن صيغة جديدة للحكم تشبه الاتحاد الفيدرالي كما هو الشأن في البلدان الشاسعة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية.. وتلقّف الفكرة سياسيون معارضون وتاريخيون، منهم سعيد سعدي الذي دعا إلى حكومات محلية جهوية ذات صلاحيات واسعة للتكفل بمشاكل الناس.. وتحدث أيضا عن الموضوع المرحوم المجاهد صوت العرب، صالح بوبنيدر، آخر قادة الولاية الثانية في الثورة.وذات يوم سمعت أحد المنتخبين في منطقة ما بالجزائر يقول: لا شيء يجمعني بالترڤي أو الميزابي أو الوهراني أو الشاوي على مستوى المصالح والمنافعǃحقيقة الدول الصغرى جغرافيا وسكانيا تعاني مشاكل، مثل مشاكل تونس ولبنان ودويلات الخليج.. ولكن الدول الكبرى مساحة تواجه مشاكل أكبر من الدول الصغيرة، فقد تقسّمت السودان بسبب المساحة الكبرى والتنوّع العرقي والديني.وأذكر أن بورڤيبة رحمه الله قال لبومدين: كي ننجز الوحدة في إطار المغرب العربي، لابد أن تتنازل لنا الجزائر عن جزء من ترابها إلى حدود قسنطينة، ثم ننجز الوحدة بين الجزائر وتونس وتكون متوازنة جغرافيا.. وللغرض نفسه يسعى المغرب إلى ضم الصحراء الغربية وأجزاء من الجزائر وموريتانيا كاملة لإحداث التوازن الجغرافي مع الجزائر.. نعم، مشكلتنا أن بلدنا كبير والمسؤولين عليه يتمتعون بعقول صغيرة.. ولذلك يقومون بصياغة تنمية لا تتعدى محمية سيدي فرج وزرالدة ونادي الصنوبر، وكذا المناطق التي تسير فيها السيارات الرسمية للحكومة.وبعد أن اختفى المسؤولون الذين يحكمون الجغرافيا بالتاريخ، جاء هؤلاء الذين تحكمهم الجغرافيا وهم بلا تاريخ.. مسؤولون يحكموننا ولا يفكّرون برؤوسهم، بل يفكّرون بأرجلهم.. والمثل يقول: الرأس الكبيرة “للدبارة”.. أم الرجل الكبيرة فهي للخسارةǃ هكذا أفسد هؤلاء بتعافسهم السياسي البلد[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات