جزائريات أمريكا يصارعـن الغربة لصنع رائحة رمضان

+ -

تتشبث السيدة فاطمة رحماني كغيرها من الإطارات الجزائرية المقيمة بالخارج، طيلة الشهر الفضيل شهر الصيام، بجزائريتها وأصالتها رغم الخصوصية التي تطبع يوميات الصائم بديار الغربة، حيث تصارع ربات البيوت جميع الظروف لصنع رائحة شبيهة برائحة “لبلاد”. فتحت السيدة فاطمة قلبها لـ”الخبر” وسردت يومياتها كنموذج لعائلة مقيمة ببلاد العم سام، حيث روت لنا تجربتها في الغربة كإعلامية وكجامعية من جهة وكربة بيت من جهة ثانية، حيث تعترف السيدة بكبر مسؤوليتها كأم وكزوجة، خاصة خلال شهر رمضان الذي لا يمر، حسبها، دون تضحيات، خصوصا بالنسبة للأطفال. ففي هذا الجانب تقول محدثتنا “ليس سهلا علينا وعلى أبنائنا أداء فريضة الصيام لساعات طويلة، خصوصا خلال الفصول الدراسة، فأبناء المسلمين هناك يواجهون متاعب كبيرة في إتمام صيامهم والتميز عن نظرائهم أمام توفر المغريات خاصة في المدارس، فالطفل الصائم يصطدم يوميا بمحيط خارجي خال تماما من الأجواء الرمضانية، حيث يجد الأطفال أمامهم زملاءهم مقبلين على إفطار الصباح ووجبات الغداء ومغريات أخرى تجعل الأولياء أمام تحديات كبيرة لإقناع أبنائهم وتعويدهم على الامتناع عن الأكل والشرب وتحمل مشقته ولو في قلب المحيط الخارجي، من خلال إقناعهم بأنه الركن الثالث من الإسلام، وهي مهمة صعبة على الأولياء”.وتسعى العائلات الجزائرية المقيمة بأمريكا إلى استعمال أساليب التأثير النفسي على أطفالها كتشجيعهم وإغرائهم بجوائز وهدايا، وتسعى كذلك للمباهاة بهم أمام أفراد العائلة حتى يتدربوا على عبادة الصيام كطاعة لله أولا وكفوائد صحية ونفسية أخرى.المطبخ: جبهة داخلية يتجند لها الجميعوتضيف السيدة فاطمة أن “الصعوبة التي يواجهها أبناؤنا الصائمون هي أثناء الحصص الرياضية الإجبارية، حيث يشكو هؤلاء الصغار من العطش لدى عودتهم من المدارس”. وعقب تلك الحصص، تقول السيدة رحماني بأنها تسمح لأبنائها في الإكمالية بشرب الماء فقط أثناء التدريبات، وتشجعهم على إتمام الصيام، وترغبهم بعد ذلك في قضاء ذلك اليوم في شوال أو في الأشهر الأخرى.وتعتبر العائلات الجزائرية المقيمة هناك بأن حلول شهر رمضان هو شهر الفرح والسعادة طيلة لياليه وأيامه، ففي هذا الشهر الفضيل تلم الجالية شمل بعضها وتتقارب فيما بينها، بعدما تفرقهم المشاغل وهموم الحياة طيلة 11 شهرا في السنة. وتتجلى تلك السعادة في إحياء الليالي بالعبادات والأذكار وتلاوة القرآن بالمساجد التي تتحول إلى خلايا نحل تجمع داخلها مسلمي العالم المهاجرين إلى أمريكا، الجميع يهرع إليها بحثا عن رائحة الوطن واسترجاع الذكريات الجميلة، حيث تتشبث الجاليات المسلمة بأماكن العبادة طلبا للراحة النفسية وبحثا عن الحصانة الروحية وتوثيقا للصلة بين الصائم وربه وبين أبناء الدين الواحد.وعن دورها كأم جزائرية في إعداد موائد الإفطار، تقول السيدة فاطمة “أعود من عملي إلى المنزل لأحضر شربة “الفريك” أو “الحريرة”، والطبق الثاني كـ”طاجين الزيتون”، فأولادي مدمنون عليه، إضافة إلى أطباق أخرى أحاول تعويدهم عليها، مثل “المثوم” أو “ڤراتان جزائري” أو مشويات ذات نكهة جزائرية، كما أحرص على تحضير بعض العصائر التي تتشابه في ذوقها مع عصائر بلادنا وكذا بعض الفطائر التركية، كما أتمسك أيضا بالكسرة بالسانوج أو الرخسيس إن كنت متأخرة”.دعوات إفطار لغير المسلمينويشترك الأبناء جميعا في إعداد الأطباق التقليدية وغيرها، فالبوراك والسلطات وبعض “الطواجن” من اختصاص البنات وبمساعدة الأبناء أيضا، بما في ذلك عملية تحضير الموائد وتنظيفها لاحقا. من جانب آخر، تصر عائلة السيدة رحماني على دعوة صائمين عرب وجزائريين وأجانب لتقاسم الإفطار في جو أخوي، إذ تؤكد: “اتفقنا على فتح باب المنزل أمام جيراننا ومعارفنا، وشجعنا أبناءنا على دعوة أصدقائهم وزملائهم المسيحيين لمشاركتهم إفطارا رمضانيا مميزا، حتى نقرب لهم المفهوم الصحيح لسماحة الإسلام، وبغية تقديم صورة جميلة عن الإسلام غير الصورة التي يصنعها المتطرفون”. 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات