ســارة.. استسلمـت للموت وقاومـت اغتصاب عفتها

+ -

كان موعدها مع الموت يدنو كلما اقتربت من تاريخ ذهابها إلى البقاع المقدسة بالسعودية لأداء مناسك العمرة رفقة والدها من فرنسا، وتقطع شريان حياتها وهي مفعمة بالشباب على يد أحد الذئاب البشرية الذي تربص بها متجاهلا قدسية المكان ومتطاولا على قيم الضيافة، راسما لوحة ملطخة بالدماء في تاريخ عائلة“سارة. ب.خ”بنت ولاية تلمسان التي هاجرت إلى فرنسا. لا صوت يعلو على تكبير وتهليل المعتمرين المتضرعين للخالق بالأدعية، ولا إحساس يخيم على فندق “نبراس الراشدية” سوى الطمأنينة، قبل أن تكتشف عائلة “ب. خ” اختفاء ابنتهم فجأة بعد صلاة الظهر، فشرعوا في رحلة البحث وسألوا عنها كل من صادفهم في طريقهم. ولم تكن فرضية وقوع مكروه لها واردة في أذهان الأب آنذاك، بحكم الفضاء المقدس الذي يتواجدون فيه، غير أنهم شرعوا في رحلة البحث عنها في أرجاء الفندق، وفي طريقهم أفادهم أحد الشهود بأنه التقى بها على مستوى المصعد متجهة إلى الطابق الرابع للفندق.هوس الاحتمالاتعصفت بذهن الأب الشكوك وأصيب بهوس رصد الاحتمالات الكثيرة.. ربما تاهت في رحاب مكة المكرمة ولم تجد سبيلا للعودة إلى حضن العائلة أو لعلها فقدت وعيها بأحد الأماكن أو الزوايا وتم تحويلها إلى المستشفى ولم يتمكنوا من تحديد مكان إقامتها حتى تستيقظ وتدلهم عليه، أو ذهبت مع بنات إحدى العائلات المجاورة لاكتشاف الفندق وما جاوره أو لشراء بعض المستلزمات وانشغلن بالتجوّل.. ورغم تعدد السيناريوهات إلا أن سيناريو “الموت” لم يكن واردا في ذهن الوالد، لكن كلما اشتغل عداد الزمن أكثر كلما بدأت تتسلل إلى أذهانهم السيناريوهات الدموية وتنمحي الاحتمالات الأولى.كان الأب وابنه الصغير منهمكين بالتعبد وأداء مناسك العمرة، بالمقابل بدأ أحد العمال اليمنيين في استدراج سارة ببسمات خبيثة ورميها بنظرات تبدو رومانسية في ظاهرها، لكنها في الحقيقة تنم عن مقاصد حيوانية للإيقاع بالفتاة في شركه وإشباع غرائزه الجنسية.بث المجرم إحساس الأمان في نفسية الفتاة عن بعد، لترومه وهي صاعدة إلى الطابق الرابع حيث تقيم، حتى تبقى على مرآه ويتمكن من خطفها دون أن تبدي مقاومة جسدية أو تقوم بالصراخ، وهو الجزء الأول من المخطط الذي نجح بامتياز، ليشرع في تنفيذ جزئه الثاني بمعية صديقه، وأخذها إلى الطابق العلوي بنية هتك شرفها، وهو الفعل الذي أكده الطبيب الشرعي.انتفضت سارة حين اكتشفت أنها بين مخالب ذئب بشري استغل براءتها وثقتها ليحوّلها إلى دمية يلعب بها كما يشاء، حينها بدأت تقاوم وتصرخ للنجاة من الوحش الذي لجأ لخنقها وكتم أنفاسها لإسكاتها، قبل أن ينكشف أمره، وتحت ضغط نفسي كبير اهتدى إلى رميها بمساعدة أصدقائه فوق سطح الفندق المجاور له لطمس آثار فعلته.استسلم والد سارة بعد طول بحث في مختلف جهات الفندق ومحيطه، وقرّر إبلاغ مدير الفندق بما حدث وطلب منه الاتصال برجال الأمن لمباشرة بحث مكثف عن ابنته، ليؤجل الأمل في العثور على ابنته ويربطه بما ستأتي به السلطات الأمنية من جديد، وجلس وعائلته ينتظرون اتصالا هاتفيا يهدئهم وينتشلهم من حال أنهكتهم وحولت الثواني إلى ساعات والأيام إلى أعوام.هول الفاجعةبعد لحظات تلقى المدير اتصالا يفيد بوجود فتاة ملقاة على سطح فندق مجاور، فاستنفر العاملين لديه وأعلن حالة طوارئ، ونزل الخبر على الأسرة كالصاعقة وأدخلهم في حالة من التيه وتجمدت أفكارهم ولم يجدوا ماذا سيفعلون، بمن يتصلوا وماذا عليهم فعله. انتشر الخبر وشغل الرأي العام في المملكة والجزائر، خاصة عند تداول معلومات تفيد بأن الفتاة المتوفاة قد لقيت مصرعها في ظروف غامضة بعد سقوطها من الطابق 16 في أحد فنادق مكة المكرمة، وأن حديثا يدور حول أن الشرطة حدّدت المتهم وهو وافد يمني كان يعمل بالفندق وأثبتت التحقيقات تورطه في الجريمة.كانت الفتاة مرمية على سطح الفندق المجاور، ترتدي حجابها كاملا يستر جميع أطرافها، يقول والدها حين صعد على السطح، ملمحا إلى أنها وضعت في هذا المكان ولم تسقط، وعلى الفور باشرت أجهزة الأمن التحري وقبضت على يمنيَّيْن اسمهما على التوالي عمار وجلال مشتبه بهما باقتراف جريمة اغتصاب الفتاة ومن ثم قتلها، إضافة إلى رعايا من بنغلاديش كانوا في مهمة إصلاح عطب على سطح الفندق.هواجس دبلوماسيةتحركت الآلة الدبلوماسية الجزائرية وبدأ وزر الرأي العام يرمي بثقله على المكلفين بالتحقيق في الحادثة، فكثفوا من عملية البحث والتحري لتتسع دائرة الاشتباه وشملت متهمين من باكستان وبنغلاديش واليمن، رجح أنهم اختطفوا سارة وأخذوها إلى الطابق السابع، ثم إلى سطح الفندق حيث حاولوا اغتصابها رغم مقاومتها لهم حتى الرمق الأخير، ما دفع بهم إلى التخلص من صراخها بخنقها وكتم أنفاسها، وانتهوا برميها فوق سطح الفندق المجاور.خلف هذا الحادث غضبا عارما في صفوف المعتمرين من جنسيات مختلفة، حيث خرج حوالي ألف منهم إلى طريق شارع الغزة الذي يربط المدخل الرئيسي للحرم المكي من باب للصفا، وشلّوا حركة المرور لما يقارب أربع ساعات، ما استدعى تدخل قوات حفظ النظام التي حاولت جاهدة امتصاص حالة الغضب التي انتابت المعتمرين، مستعملة شاحنات خراطيم المياه.

 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات