الجزائريون الأسوياء آلمتهم أحداث غرداية أشد الألم، لكن الألم الكبير هو القول إن أحداث غرداية وراءها أيادي أجنبية، وبالتحديد يد الملك المغربيǃ هل نصدق هذا الكلام الخطير الذي تتحدث عنه بعض التسريبات المؤسفة من دوائر في السلطة؟! هي بالتأكيد غير مسؤولة عما تقول لتبرير فشلها في معالجة أزمة غرداية بما هو أسوأ من الفشل.أولا: هل يعقل أن ملك المغرب أصبح من القوة بمكان يستطيع معها زعزعة أمن البلاد بهذه الطريقة وفي قلب الجزائر.. وفي غرداية التي تعد “صرة” البلاد؟ǃوإذا حدث هذا.. أين كانت مصالح الأمن بمختلف تشكيلاتها المختلفة من شرطة ودرك و(D.R.S) وجيش وشنابط؟ǃ الذين تصرف عليهم الجزائر من الأموال ما يعادل 80% من ميزانية المغرب كاملا؟ǃوإذا وصل الحال بالجزائر أن يخترقها الملك بهذه الصورة القاتمة، فهل مازلنا نتحدث عن وجود سلطة في الجزائر، بل عن وجود دولة؟ǃ وإذا وصل بنا الهوان إلى هذا الحد، ألسنا جديرين بأن يضمنا إليه هذا الملك؟ǃإذا كان هذا الأمر صحيحا، فإن ما ينبغي أن يحقق فيه ليس من قام بهذه الأعمال الشنيعة في غرداية، بل يجب أن يتجه التحقيق إلى الأسباب التي جعلت مصالح الأمن لا تتفطن للكارثة قبل حدوثها.. وبالتالي فإن التقصير يكمن في هذا الخلل الخطيرǃثانيا: عندما كانت الجزائر بلا رئيس في أواخر 1978 بعد مرض بومدين ووفاته، رحمه الله.. كانت مصالح الأمين “شلاغمها” يقف عليها الصقر، تم اختراق القصر الملكي المغربي وفيه الحسن الثاني وهو من هو في عالم الحنكة والذكاء، ولكن مصالح الأمن الجزائرية اخترقته أمنيا في حكاية كاب سيغلي الشهيرة بضابط (D.R.S) لا تتجاوز رتبته النقيبǃ فكيف اليوم يحدث لنا ما يحدث من اختراق مفترض في غرداية ونحن لدينا جنرالات وألوية ورتباء فريق؟ǃثالثا: حتى ولو كانت اليد المغربية حقيقة موجودة، فإنه كان من الواجب على هؤلاء إخفاء خيبتهم هذه عن الرأي العام حتى لا تنهار الجبهة الداخلية في هذا الظرف الحساسǃوإنني أكاد أجزم بأن شرف اختراق ملك المغرب لأمورنا في غرداية، هو شرف لا يدعيه ملك الغرب ولا يحلم به.. وقدمه عبطاء الجزائر هكذا بكل بلاهة لتبرير فشلهم في تسيير الأزمة وفشلهم في تسيير البلاد.. وليس أمنها فقطǃوإذا كان الملك هو الذي أشعل نار غرداية، فلماذا لا نطلب منه إطفاءها إذا كنا نملك الأدلة؟ǃ أليس هذا عدوانا يتجاوز العدوان على بلدنا بالمخدرات؟ǃرابعا: حدثني أحد السياسيين الذين زاروا غرداية مؤخرا، فقال: إن أعيان المنطقة قالوا له: عندما يحضر إلينا الرسميون من العاصمة، نحس بأن بعض أعضاء الوفد يتوجس خيفة من بعضه الآخر.. فتقول لنا جماعة الرئاسة احذروا (D.R.S).. وتقول لنا جماعة (D.R.S) احذروا جماعة الرئاسةǃ هذا التفكك في أجهزة الدولة هو الذي أدى إلى الكارثة، وليس اليد الأجنبية كما يحاول البلهاء تسويق فشلهمǃمثل هذا القول الخطير من بعض دوائر السلطة، هو الذي يمهد الطريق إلى التدويل الفعلي.. وليس النشطاء الذين ينسّقون مع الخارج، كما يقول البلهاء في السياسة والأمن.. إنني تعبان فعلا واحتاج إلى زطلةǃ
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات