+ -

نظرة، فابتسامة، فاعتداء على أعز ما تملكه المرأة وتحت طائل التهديد والقوة، كان سلاح الجاني ليوقع بالضحية، وأي ضحية، خطيبته وعلى وشك أن تصبح زوجته وأم أبنائه، في لحظة شيطانية، حيث غاب العقل وتحجرت المشاعر واتخذ الانتقام سبيلا ليفجع عائلتها التي رفضته زوجا لابنتها، فسلبها أعز ما تملك، مخلفا وراءه بقايا إنسان، وهي بعد في عمر الزهور. نسج لها أحلاما وردية، ووعدها بحب أفلاطوني لا يوجد إلا في الكتب، أغدقها بالهدايا والملابس مستغلا فقرها وحاجتها، وهي بعد فتاة قاصر، لم تبلغ 16 سنة، لسذاجتها وبراءتها الطفولية، صدقته وتعلقت به، وحجزت له مكانا في قلبها، غير آبهة بفرق السن الكبير الذي يبلغ ضعفي عمرها.عندما رأت عائلتها مقدار تعلقها به، وافقت على خطبتها له، غير مقتنعة بفارق السن، وهو البالغ 33 سنة، إضافة إلى أنه سبق له الزواج مرة ولديه طفل، لكن الزواج لم يكلل بالنجاح، وهو سبب آخر لعدم ارتياح العائلة يوما لهذه العلاقة والاقتناع بها. كيف تستطيع فتاة صغيرة تحمل مسؤولية عائلة وتربية طفل، وهي بعد لم تنه مرحلة الطفولة؟ ولكنها وافقت مجبرة تحت ضغط ابنتها، وخوفا من أن يسبب رفضهم تراجعا في مستوى دراستها.الانتقام كان الدافعبعد أن انتهت السنة الدراسية ونجحت الفتاة في امتحاناتها، لم يعد لدى والديها سبب في استمرار العلاقة، قررا أن يفسخا الخطبة، قاما بدعوته وأحسنا ضيافته، أخبراه برفضهما العلاقة، وأن موافقتهما من قبل كانت مؤقتة، اعتذرا منه، معللين أن ما اضطرهما للموافقة قبلا كان ضعفهما تحت إلحاح ابنتهما.نزل الخبر كالصاعقة على مسامعه، شعر الجاني باستفزاز واستهزاء من قبل عائلة خطيبته، كونهم استغلوه في مسالة الخطبة، حتى يسلبوه هداياه وأمواله واستعملوه كوسيلة لتهدئة ابنتهم، فقرر أن ينتقم لكرامته التي جرحت، بجعلهم يبكون بدل الدموع دما.تكتيك للخطفتصرفه كان طبيعيا، وكأن شيئا لم يكن، فقد كان يمتلك محلا لبيع الجملة بالقرب من مسكنها العائلي، أخذ يداوم فيه كالعادة حتى لا يثير الشبهات ويكون أول المتهمين. رفض العائلة لشخصه لم يثن محاولاته الاقتراب من الضحية، فأخذ يترصد حركاتها، ويترقب مواعيد خروجها ودخولها من المنزل، وحين تسمح له الفرصة، يقابلها محاولا إقناعها بحبه لها وحسن نيته، إضافة إلى المال والهدايا التي يمنحها إياها معتبرا نفسه المسؤول عنها، أخذ يقنعها بأن حياتها بجانبه ستكون أشبه بحياة الأميرات، وأن عائلتها برفضه زوجا لها قد فرطت في مصلحتها وفي الزوج المثالي لها. وبعد الجهد والعناء، أقنعها أخيرا بالهرب معه، مؤكدا لها أنه حل مؤقت لإقناع عائلتها بالقبول والموافقة ووضعهم تحت الأمر الواقع.كان تاريخ 30 جوان 2010 بداية تنفيذ الخطة، استعان الجاني بابن أخيه “ع.ح” الذي يبلغ 24 سنة، وأوكل إليه مهمة مساعدة الضحية في الهروب من بيت عائلتها، وذلك بنقلها على متن سيارته إلى فيلا بإقامة الدولة نادي الصنوبر التي هي ملك لشريكه الثالث، المكنى فارس، وهو ابن إطار في الدولة.وبما أن إقامة الدولة بنادي الصنوبر من أبرز المناطق التي يعيش فيها الوزراء وأعضاء الحكومة، ومحمية على الشاطئ يرتادها كبار رجال الأعمال ونجوم الإعلام والفن والثقافة، لم تكن تحظى بالرقابة القصوى، وكانت بمنأى عن الشكوك، وبعيدة عن التفتيش، وهو ما جعل الجاني يختار هذا المكان بالتحديد ليمارس فعله المخل بالحياء على الضحية، متوقعا أنه بصداقته مع ابن إطار في الدولة سيمنح لنفسه حصانة تسقط عنه التهم، مهما اقترف من جرائم وتعدى على حقوق الغير...وضاع أعز ما تملكبقيت الضحية طوال اليوم محتجزة في الفيلا، تنتظر أن يفي خطيبها بوعده ويتزوجها، لم تكن تظن أنه ينتظر الوقت المناسب ليكشّر عن أنيابه. انسدل الليل وحل الظلام، ولم يبق غير الجاني ليلتحق بمسرح الجريمة، حيث اجتمع بشركائه لشرب الخمر وتعاطي المخدرات، وفي آخر الليل اقتحم غرفة الضحية، اختلى بها وتعدى على شرفها بالقوة، دون أن يتراجع أو تثني توسلاتها وبكاؤها عزمه على الاعتداء عليها.وككل مرتكبي الجرائم، اعتقد أنه لن يكشف أمره وأنه بعيد عن دائرة الاتهام، فقام باحتجاز الضحية 4 أيام متواصلة، وللتمويه عن فعلته وعلاقته باختفاء الفتاة، أخذ يفتح محله المتواجد قرب مسكنها العائلي كل صباح، ويباشر عمله بصفة عادية، حتى لا يثير غيابه استفهام التساؤلات. وبالفعل، استمر على هذه الحال 4 أيام، يوهم السكان بوجوده في النهار، وفي الليل يعود إلى فيلا شريكه ليتحول إلى وحش بشري، يكرر فعله الدنيء والخالي من الرجولة، فتعيش الضحية القهر والاستغلال الجسدي بأبشع صفاته.وفي اليوم الخامس، ولأن الفتاة تظل محتجزة طوال النهار في الفيلا تحت حراسة فارس، حاول هذا الأخير اغتصابها أيضا، وكيف لا وهو الشريك الذي من حقه اقتسام الفريسة، ذعرت لرؤيته يدخل غرفتها وهي بعد لم تستفق من الوجع النفسي والجسدي الذي أحدثه خطيبها، اقترب منها وحاول الاعتداء عليها، إلا أنها من شدة الخوف تمكنت من مقاومته والهروب إلى بيت أهلها.توقيف المتهمينما إن فتحت والدة الضحية الباب، حتى كاد يغشى عليها.. اعتقدت الفتاة أنها لن تستطيع رؤية أمها مجددا، وجودها في البيت كان معجزة بعد دعوات ومناجاة يائسة.. سألتها والدتها أسئلة عديدة، غير مصدقة حال ابنتها التي آلت إليها، وأين كانت طوال هذه الفترة، فأخبرتها الضحية أنها كانت مخطوفة ومحتجزة من قبل خطيبها السابق، توجهت الأم في الحال إلى مركز الشرطة وأودعت شكوى، موجهة أصابع الاتهام إلى خطيب ابنتها السابق، بتهمة الاختطاف والاعتداء على قاصر. أخذت التحريات تأخذ مجراها، حيث تم توقيف المتهم الرئيسي الذي أنكر في تصريحاته أمام مصالح الأمن إرغام الفتاة على الهرب، وأن واقعة الاعتداء لم تحدث رغما عنها، بل رافقته بمحض إرادتها، كونها تكنّ له مشاعر خاصة.  بعد التحقيقات والتحريات المضنية، لم يستطع الإنكار أمام القرائن والأدلة التي واجهوه بها، فما كان من الجاني إلا الاعتراف بجريمته والإيقاع بشريكيه، فضلا على وصفه لهم مكان احتجاز الفتاة.سقوط المتهمينقامت فرقة حماية الطفولة ومكافحة جنوح الأحداث للمقاطعة الوسطى للشرطة القضائية بمعالجة وقائع القضية المثيرة، كون الضحية فتاة لم تتعد مرحلة الطفولة، وأودع المتهمون الثلاثة الحبس ووجهت لهم تهم إبعاد قاصر عن المسكن العائلي، وتحريضها على الفسق وفساد الأخلاق بالنسبة للمتهم الرئيسي، أما بالنسبة لباقي المتهمين، فالتهمة الموجهة إليهم المشاركة في جريمة أخلاقية والتستر عليها.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات