حكاية مناضل أوروبي آمن بالثورة الجزائرية

+ -

قدمت، أمس الأول، الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، العرض الشرفي الأول لفيلم “عمليات مايو” للمخرج عكاشة تويتة، وذلك بقاعة ابن زيدون برياض الفتح. الفيلم مدته مائة وعشرين دقيقة، وأنجز في إطار الذكرى الخمسون للاستقلال، ويحكي قصة بطل اسمه هنري ضحى بحياته في سبيل الجزائر، وهو لم يتجاوز 27 عاما. رفع الستار عن تجربة المخرج عكاشة تويتة، مع فيلم “عمليات مايو”، الذي يتناول قصة المناضل هنري مايو الذي فر من صفوف جيش الاستعمار الفرنسي شهر أفريل 1956، وقرر الوقوف إلى جانب الثورة التحريرية الجزائرية مدافعا عن استقلالها، فهنري مايو(جسّد دوره الممثل الفرنسي مارتان بوتار) كان جنديا برتبة عريف في صفوف الجيش الفرنسي رفض مبادئ فرنسا الاستعمارية وقرر الالتحاق بصفوف المجاهدين، وبعد أشهر قليلة من “تمرده” على الجيش الفرنسي وهروبه بالأسلحة التي كلّف بنقلها إلى إحدى الثكنات العسكرية الفرنسية، سقط البطل في ميدان الشرف يوم 5 جوان 1956 بالشلف.مرة أخرى يعرّج إنتاج السينما الجزائرية على الثورة التحريرية الكبرى، فهذا الفيلم “عمليات مايو” الذي طال انتظاره، عرفت مرحلة إنتاجه “تعثرات” مختلفة منذ إعطاء إشارة تصويره بمناسبة إحياء الذكرى الخمسون لاستقلال الجزائر عام 2012، عاد اليوم ليقدم مشاهد باهتة، في عرض بطئ للأحداث، مركزا على الحوار المسترسل بما يعكس ضعف السيناريو الذي كتبه المخرج عكاشة تويتة رفقة الكاتبة نادية شار. محاولة سينمائية جد متواضعة لتكريم رموز الثورة، حملت ضعفا واضحا في السيناريو وسطحية في الطرح، ليقدم فيلما خاليا من المشاعر رغم تناوله لحكاية مناضل عظيم، فقد غابت القصة الجميلة عن الفيلم وغاب أيضا التاريخ العظيم، وبد واضحا كيف أن المخرج أراد أن يكون فيلمه مثيرا للجدل بعد أن أبرز الصراع بين جبهة الشيوعيين الذين دافع عنهم الفيلم بقوة، مقابل تقديم صورة “ديكتاتورية” لصراع المصالح الذي كان يقود حسابات ومصالح جبهة التحرير الوطني.جاء الفيلم لمدة 120 دقيقة أقرب إلى “الوثائقي” من ناحية الحوار تحديدا، بينما لم تقدّم القصة القصيرة التي جمعت أربع مجاهدين بالمناضل هنري مايو الكثير عن مفهوم النضال في سبيل الاستقلال، لكن ما يحسب للفيلم أنه عرف كيف يتجاوز تلك المرحلة الضيقة التي عاش فيها هنري مايو مناضلا  جزائريا، فمخرج “عمليات مايو” لم يجد الكثير من الأحداث النضالية في حياة هنري مايو، ولكنه اختار الجبل ومعاناة السير مشيا على الأقدام وسط المناظر الطبيعية الخلابة للجزائر، ليقول إن الأرض التي جمعت المجاهدين نحو تحقيق حلم الاستقلال، الحقول الزراعية والأراضي الخصبة هي هوية الثورة الجزائرية وليست الحسابات السياسية الضيقة، فحسب الفيلم لم تكن ثورة التحرير “إسلامية أو مذهبية” بل كانت إنسانية شارك فيها أيضا من هم من أصول غير جزائرية.كما أن الفيلم لم يركز على سيرة هنري مايو منفصلة، بل جعلها مسلسلا من مسيرة أربعة مجاهدين رافقوا رحلة نضال هنري مايو، من بينهم موريس لابون المحارب القديم في حرب إسبانيا جسّد دوره الممثل الفرنسي ماثيو بريون، الى جانب الجمهوريين الذين جسّد أدوارهم كل من مناد مبارك، عماد بن شني، ميلود خطيب، كولات كراف، مبروك فروجي، خالد بن عيسي، مراد أوجيت.المخرج عكاشة تويتة“عملت 25 سنة على قصة هنري مايو” “لقد عملت مدة 25 سنة من البحث و التدقيق في حياة هنري مايو، ففكرة تجسيد الفيلم قديمة، استفدت كثيرا من الأبحاث و عائلة الفقيد خاصة شقيقته ايفات ، من حق المشاهد أن يصف الفيلم أنه وثائقي أو روائي، لقد قدمت الفيلم و كل واحد حر في اختيار الزاوية التي يشاهدهها منها، من يريد وصف الفيلم بأنه” بيوغرافية  لهنري مايو” فله ذلك، انجت فيلم يكون فيه البطل جزء من الجماعة، لم أركز على حياة هنري فقط بل كان هناك عدة مجاهدين قدمنا حياتهم، منهم موريس الذي كان يريد الالتحاق بـ«الأفلان” و لكنه لم يكن يعرفهم، شخصيا كنت دائما في حياتي مع “جبهة التحرير الوطني” و لم أكن شيوعيا لهذا فهذا الفيلم لم ينجز بحسابات ضيقة”الممثل الفرنسي مارتان بوتار  “هنري مايو لم يكن ضد فرنسا ولكنه كان مع استقلال الجزائر”“أنا من جيل فرنسي جديد، لم أعش الثورة ولكن أجد حكايتها في أبناء الجزائر الذين يعيشون في فرنسا تحديدا، أجد حديثهم عن مسألة الأصالة والانتماء الدائم للوطن، هذا أمر مهم وملفت للانتباه، لهذا فحكاية هنري مايو قصة إنسانية بالدرجة الأولى، فهو في الحقيقة لم يكن ضد فرنسا ولكنه كان مع استقلال الجزائر، استفدت كثيرا من أصدقائي الممثلين الجزائريين المقيمين في الخارج لإنجاز هذا العمل الذي يعتمد أساسا على التمثيل الجماعي. أعتقد أن الجمهور الفرنسي والأوروبي بحاجة إلى مثل هذه الأفلام، التي توضح أن التاريخ معقد ومهم، فلا يوجد في الجزائر تاريخ الثورة فقط بل الإنسانية”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات