+ -

 نجد أنّ الرّسول الكريم عليه الصّلاة والسّلام قد حذّر هو أيضًا من اتّباع الهوى، فقال في حديثه الصّحيح: “ثلاث مهلكات: شحّ مُطاع وهوى متّبَع وإعجاب المرء بنفسه”. ويروى أنّ سيّدنا عليًا كرّم اللّه وجهه ابتدأ إحدى خطبه بقوله: “إنّ أخوف ما أخاف عليكم اثنتان: اتّباع الهوى وطول الأمل، فأمّا اتباع الهوى فيصدّ عن الحقّ وأمّا طول الأمل فينسي الآخرة”. ويقول أبو بكر الورّاق رحمه اللّه: أصل غلبة الهوى مفارقة الشّهوات فإذا غلب الهوى أظلم القلب، وإذا أظلم القلب ضاق الصّدر، وإذا ضاق الصّدر ساء الخُلق، وإذا ساء الخُلق أبغضه الخلق، وإذا أبغضه الخلق أبغضهم، وإذا أبغضهم جفاهم، وإذا جفاهم صار شيطانًا (طوبى لمَن ضيّق على اللّعين بالصّيام وتوَّج صيامه بالقيام وتشبّه بعباد اللّه الكرام).الصّيام عند أهل الكمال من الرّجالينظر الصّوفية الكرام إلى الصّيام نظرة خلقية وروحية، وهم يقسّمونه إلى ثلاث درجات: صوم العموم وصوم الخصوص وصوم خصوص الخصوص. أمّا صوم العموم فهو كفّ البطن والفرج عن قضاء الشّهوة، وأمّا صوم الخصوص فهو كفّ السّمع والبصر واللّسان واليد والرّجل وسائر الجوارح عن الآثام، وأمّا صوم خصوص الخصوص فصوم القلب عن الهمم الدّنيئة والأفكار الدّنيوية وكفّه عمّا سوى اللّه عزّ وجلّ بالكليّة، كما عبّر الإمام أبو حامد الغزالي في الإحياء.وليس الطّعام وحده ولا الشّراب وحده ولا اللّمس وحده ممّا يفطر به الصّائم عند الصّوفية، فهناك أشياء يفطر بها الصّائمون ويفسد بها الصّيام، وليست مع ذلك من اللّمس أو الطّعام أو الشّراب. فالصّائم يبطل صومه في نظر الصّوفية بالفكر فيما سوى اللّه عزّ شأنه واليوم الآخر، وبالفكر في الدّنيا إلاّ دنيا تراد للدّين لعدّ ذلك من زاد الآخرة. ويرى بعضهم أنّ من تحرّكت همّته بالتصرّف في نهاره لتدبير ما يفطر عليه كتبت عليه خطيئة، لأنّ ذلك لا يقع إلاّ من قلّة الوثوق بفضل اللّه تعالى وقلّة اليقين بالرّزق الموجود.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات