38serv

+ -

عرّف العلماء الكرام الهوى بأنّه ميل النّفس إلى الشّهوة، ويقال ذلك للنّفس المائلة إلى الشّهوة، سمّي بذلك لأنّه يهوي بصاحبه في الدّنيا إلى كلّ داهية وفي الآخرة إلى الهاوية.. ومقاومة الهوى مغالبته ومحاربته والخلوص من وساوس النّفس وإغواء الشّيطان اللّعين، فهي خُلق من أخلاق القرآن الكريم وفضيلة من فضائل الإسلام العظيم وجانب من هدي الرّسول عليه الصّلاة وأزكى التّسليم.وقد عظّم الله تعالى ذمّ اتّباع الهوى في مواطن عديدة من كتابه العزيز ونوّه بشأن مَن يفلح في مقاومة هواه، قال جلّ ذِكرُه: {وَأمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} النّازعات: 40-41. فالّذي يَخاف مقام ربّه عزّ وجلّ لا يقدم على معصية، فإذا أقدم عليها بحكم ضعفه البشري قاده خوف هذا المقام الجليل إلى النّدم والاستغفار والتّوبة، فظلّ في دائرة الطّاعة.ونهي النّفس عن الهوى هو نقطة الارتكاز في دائرة الطّاعة، فالهوى هو الدّافع القويّ لكلّ طغيان وكلّ تجاوز وكلّ معصية وهو أساس البلوى وينبوع الشرّ وقلّ أن يؤتَى الإنسان إلاّ مَن قَبِل الهوى.فالجهل سهل علاجه ولكن الهوى بعد العلم آفة النّفس التي تحتاج إلى جهاد شاق طويل الأمد لعلاجها.والخوف من الله هو الحاجز الصّلب أمام دفعات الهوى العنيفة، والّذي يتحدّث هنا هو خالق هذه النّفس العليم بدائها، الخبير بدوائها، وهو وحده الذي يعلم دروبها ومنحنياتها ويعلم أين تكمن أهواؤها وأدواؤها وكيف تطارد في مكامنها ومخابئها ولم يكلّف الله سبحانه ألاّ يشتجر في نفسه الهوى، فهو تعالى يَعلم أنّ هذا خارج عن طاقته ولكنّه كلّفه أن ينهاها ويكبحها ويمسك بزمامها وأن يستعين في هذا بالخوف، الخوف من مقام ربّه الجليل العظيم المهيب، وكتب له بهذا الجهاد الشّاق الجنّة مثابة ومأوى {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}، ذلك أنّ الله يعلم ضخامة هذا الجهاد وقيمته كذلك في تهذيب النّفس البشرية وتقويمها ورفعها إلى المقام الأسنى.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات