المكان مطار هواري بومدين بالجزائر العاصمة.. الزمان الرابع والعشرون فيفري 2003، أما الموضوع فيتعلق بفضيحة من فضائح مجمع الخليفة، أبطالها مساعدو الفتى الذهبي عبد المؤمن، وهم مدير “الخلفية تي في” بفرنسا، مدير شركة “الخليفة للطيران” وممثل مجمع الخليفة بفرنسا، المتورطون في تهريب أكثر من 80 ألف دولار أمريكي ومليون أورو. وضع المسؤولون الثلاثة لمجمع الخليفة حقائبهم على الشريط المتحرك، وفي الوقت نفسه شرعوا في إتمام الإجراءات المتعلقة بشرطة الحدود تأهبا لمغادرة التراب الوطني نحو عاصمة الجن والملائكة باريس على متن طائرة خاصة.وبالقرب من نقطة المراقبة الخاصة بمصالح الجمارك، اقترب أعوان الجمارك بالزي الرسمي من مدير شركة “الخليفة للطيران”، المدعو “خ.س”، وزميله المدير العام لـ”الخليفة تي في”، المدعو “ق.ج”، وممثل مجمع الخليفة بفرنسا المسمى “ق.س”.ظهر الارتباك على وجهوه المسؤولين الثلاثة عندما طلب عون الجمارك معاينة الأمتعة، ليكتشف مبالغ مالية ضخمة بالعملة الصعبة، حيث عثر لدى ممثل مجمع الخليفة بفرنسا على مبلغ يقدر بـ579 ألف و900 أورو على شكل أوراق نقدية، و558 ألف ومائتي أورو على شكل أوراق نقدية، إضافة إلى 27 ألف و671 على شكل صكوك بنكية قابلة للدفع بالبنوك الأجنبية بحوزة مدير “الخليفة تي في”. كما عثر على 810 ألف و440 أورو بحوزة مدير شركة “الخليفة للطيران”، إضافة إلى 88 ألف دولار أمريكي.أعلنت حالة الطوارئ بالمطار الذي طوّق بعدد كبير من رجال الشرطة، ليلقى القبض على مساعدي امبراطورية مجمع الخليفة، وبعد التحقيق تبين أنهم كانوا على اتفاق للذهاب إلى باريس على متن طائرة خاصة، وتهريب الأموال في وقت متأخر من الليل، بمساعدة موظف الشرطة المدعو “ف.أ” الذي وجد خارج أوقات عمله بالزي المدني.أحيل المتهمون على محكمة سيدي امحمد في العاصمة بتاريخ 2 نوفمبر 2003، بجرم عدم مراعاة التزامات التصريح والقيام بمخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، لكل من المتهم المدير العام لـ”الخليفة تي في”، وممثل مجمع الخليفة بفرنسا، ومدير شركة “الخليفة للطيران”.بينما وجهت تهمة المشاركة في الجريمة للمكلف بالشؤون الإدارية بمديرية شرطة الحدود، المدعو “ف.أ”، والمشاركة في عملية متعلقة بالنفوذ ومخالفة التشريع الخاصة بالصرف لمصنع الجبن، المسمى “م.ي”.المدير العام لـ”الخليفة تي في”: “الصرف الموازي مصدر الأموال المهربة” صرح المدير العام لـ”الخليفة تي في” بأنه لم يقم بأي تصريح جمركي للمبالغ المالية التي وجدت بحوزته، مضيفا أن “مصدر الأموال هو الصرف الموازي، متجاهلا هوية الأشخاص الذين تعامل معهم في عمليات الصرف التي قام بها”.أما عن مصير الأموال، فأكد المتهم أنه يرغب في تهريبها إلى فرنسا لدفع مصاريف علاج والده، وشراء عقار مع تمويل عمليات تجارية. وفي رده على سؤال حول علاقته بمجمع الخليفة، قال إن رئيس المجمع المسمى خليفة رفيق عبد المؤمن، يعد من أعز أصدقائه، حيث كلفه بمهمة إعداد ملف لإنشاء بنك الخليفة، مقابل عمولات نقدية معتبرة، مشيرا إلى أنه شغل عدة مناصب ظرفية كرئيس ديوان، مفتش عام بالمجمع، كما أنشأ في السنوات الأخيرة الشركتين الموحدتين ذاتي المسؤولية المحدودة بالشراڤة في العاصمة.أما ممثل مجمع الخليفة بفرنسا، “ق.س”، فحاول إيهام قاضي التحقيق بأنه رجل أعمال، الأمر الذي جعله يقوم بعدة سفريات إلى الخارج، مؤكدا أن المبلغ الذي ضبط بحوزته كان مخصصا لتمويل شركائه بالخارج، وأن عملية التفتيش تمت عند تقديم وثائق السفر على مستوى مكتب شرطة الحدود، من قبل الجمارك. كما أنه رغم خبرته الطويلة كرجل أعمال، لكنه يجهل معرفته بالقوانين المنظمة لحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، مضيفا أن لقاءه بالمدعوين “خ.س” و”ق.ج” كان بمحض الصدفة، وقد سلم جواز سفره للمراقب العام لمحطة “خليفة للطيران”، الذي التقى به هو الآخر صدفة. وعكس ما قاله كل المتهمين السابقين، صرح ممثل “خليفة للطيران”، المدعو “خ.س”، بأنه تم الاتفاق مسبقا على القيام بهذه الرحالة، وأن الأموال التي ضبطت بحوزته تحصل عليها عن طريق الصرف الموازي على مراحل، مقابل أموال بالعملة الوطنية، مؤكدا أنه كان ينوي الاستثمار في إسبانيا في مشروع إنشاء مؤسسة خاصة في ميدان الري، كونه مهندسا في هذا الميدان، بينما لم ينف جهله للقوانين المنظمة لحركة رؤوس الأموال.شرطـــــي في قلـــــــب الفضيحــــــــة أدلى مساعدو عبد المؤمن خليفة بتصريحات متشابهة، مفادها أن المبالغ المالية التي ضبطت بحوزتهم هي أملاكهم الخاصة، كانوا بصدد نقلها إلى الخارج، نافين تحويلها عن طريق البنك، كون هذه العملية غير مقبولة في العمليات التي ليس لها الطابع التجاري، بينما لم تتح لهم فرصة القيام بالتصريح بأموالهم. كما ورطت أقوالهم موظف الشرطة، كونه شارك في ملء إشارات الخروج والقيام بعملية التأشير على جوازات السفر من قبل شرطة الحدود. وصرح موظف شرطة الحدود بأنه يعمل بالفرقة الثانية لشرطة الحدود بمطار هواري بومدين، مبررا وجوده ليلة الحادثة خارج أوقات عمله باستقباله زوجة عبد المؤمن خليفة، والإشراف على إجراءات شرطة الحدود بحكم علاقة الصداقة التي تربطه بهذا الأخير منذ سنة 1995 “ولهذا بعد أن أنهيت عملي في الساعة الرابعة مساء، عدت إلى المطار في الساعة العاشرة ليلا، وبالضبط توجهت إلى قاعة الوصول قصد استقبال السيدة خليفة. وبعد إتمام إجراءات شرطة الحدود، توجهت رفقتها إلى سيارة كان يقودها السائق الخاص، حينها أي في حدود الساعة الحادية عشرة و20 د، التقيت صدفة بإطارات سامية في مجمع “آل خليفة”، فأخبروني أنهم متوجهون إلى فرنسا على متن الطائرة الخاصة التي كانت على متنها حرم السيد خليفة، فقمت بمرافقتهم إلى نقطة المراقبة”.شهادة مفتشي الجمارك قال مفتش الجمارك بالمطار، المدعو “ي.ق”، إنه ضبط المتهمين عندما تقدموا إلى مكاتب الجمارك، مؤكدا عدم قيامه بأي تصريح بخصوص محتويات حقائبهم التي بها مبالغ مالية موجهة للتهريب.أما رئيس مفتشية أقسام الجمارك، المدعو “ش.ع”، فقال: “لفت انتباهي المتهمون الثلاثة بداخل قاعة الانتظار رفقة موظف الشرطة، توجهت نحوهم، فعلمت بوجود رحلة خاصة، لأطلب منهم القيام بالتصريح بالأمتعة، فأجابوا أنه لا يوجد بحوزتهم ما يصرحون به”.لكن “بعد تفتيش الحقائب، عثرت على المبالغ المالية التي سجلت بأرقام لا تنطبق على تلك المحجوزة عندهم”.
إدارة الجمارك طالبت بالتعويضتأسست إدارة الجمارك طرفا مدنيا، وقدمت مذكرة مكتوبة، تلتمس من خلالها إلزام ممثل مجمع الخليفة بدفع تعويض قدره مليون و608 ألف و768 دينار، إضافة إلى 150 مليون و222 ألف و220 دينار ضد مدير شركة الخليفة للطيران. أما مدير “الخليفة تي في” وصاحب مصنع الجبن، فهما مطالبان بدفع مبلغ 98 مليون و618 ألف و806 دينار، زيادة على قيمة الصكوك المقدرة بـ2 مليون و328 ألف و791 دينار.رحلة زوجة “الغولدن بوي” من بين المتهمين في هذه القضية أيضا، مراقب عام بمحطة “خليفة للطيران” المدعو “م.ش”، المكلف بالإشراف على الترتيبات المتعلقة بسفر الشخصيات البارزة، وذلك ببرمجة رحلات خاصة.وصرح هذا الأخير بأنه ليلة الحادثة، في الساعة العاشرة مساء، التحق بالمطار لاستقبال زوجة الرئيس المدير العام خليفة رفيق عبد المؤمن، القادمة من مطار “بورجي” بباريس في الساعة الحادية عشرة مساء، وبما أنه وصل متأخرا وجدها بقاعة الوصول. وعليه، حضر إتمام الإجراءات سواء على مستوى الجمارك أو شرطة الحدود من قبل المسؤول في شرطة الحدود، المتهم “ف.ت” الذي رافق زوجة عبد المؤمن بعد نزولها من الطائرة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات