الغنوشي قال “على تركيا والجزائر والسعودية القيام بمصالحة في مصر”! لست أدري كيف يقرأ المصريون هذا الخبر وكيف يستقبلونه؟!مصر التي كانت ترى في السعودية تجمعا رجعيا لشيوخ يديرون دولة بعقلية ما قبل القبيلة، وكانت تنظر إلى الأتراك كمؤسسة عسكرية متعجرفة يقتلها التخلف الإقطاعي كعقلية الشحاذ التركي في شوارع القاهرة حين يقول التركي المتسول للمصري “أعط القرش لشيدك”! أو شبه دولة في الجزائر هي هجين بين بقايا عقلية الكولون الراحلين إلى فرنسا وعقلية الفلاحين الزاحفين على الحظائر!اليوم يصل الزمان بمصر التي أنشأت الجامعة العربية إلى حد أنها تصبح في حاجة إلى تدخل هذه الكائنات التي أصبحت دولا في أنقرة والرياض والجزائر !عندما نشبت الأحداث في العراق والكويت استعملت مصر قوتها عبر الجامعة العربية لمعالجة هذه القضية، وعندما نشبت الأحداث في سوريا فرضت مصر رأيها في الأحداث عبر الجامعة العربية، ونفس الشيء حدث في أزمة ليبيا.. فهل تستطيع الجامعة العربية التي حولها المصريون إلى جامعة مصرية أن تحشر أنفها في الأزمة المصرية؟موقف الجامعة العربية في مصر مما يحدث في مصر يدل على أن الجامعة العربية لا وجود لها كأداة لفض النزاعات في الوطن العربي، بل هي أداة مصرية بحتة لا يمكن أن تستنجد بها مصر لمعالجة محنتها الحالية، لهذا فإن الشيخ الغنوشي على حق حين يدعو إلى إطار آخر غير الجامعة العربية لمعالجة الأزمة المصرية.هذا الوضع الذي أصبحت عليه مصر يدل على حجم الدمار الذي لحق بالبلد على مستوى سمعته وإشعاعه في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط، بسبب اتفاقية كامب ديفيد وما تلاها.. إلى هذا الحد أصبحت مصر صغيرة وفي أزمة ولا تجد من ينجدها، وهي التي كانت طوق نجاة لكل من يدركه الغرق في الوطن العربي.غابت مصر كمنقذ للأردنيين والفلسطينيين في أزمة سبتمبر الأسود عام 1970 وأزمة لبنان وأزمة اليمن.. وأزمة الجزائر والمغرب عام 1962، صغرت مصر فصغر معها العرب وباتت الأزمات لا تجد لها حتى الإطار الذي تُناقش داخله.. فلا جامعة عربية وقمة عربية ولا عرب أمام أزماتهم. لهذا فإن الغنوشي على حق حين يبحث عن حل لمصر خارج المعقول.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات