+ -

 الصّبر خُلق أهل العزيمة القويّة وأصحاب الإرادة الماضية الّذين يعرفون الخير ويعزمون عليه ويمضون فيه لا ينتنون عنه مهما كلّفهم من تعب أو مشقّة، ومن هنا جعل القرآن الصّبر من {عَزْمِ الْأُمُورِ} والعزم هو عقد القلب على إمضاء الأمر وهو أيضًا المحافظة على ما يؤمر  الإنسان به.. قال تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} الشُّورى:43. وقال: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} لقمـان:17. وقال: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} آل عمران:186.ويعلّق الأستاذ الشّيخ محمد عبده على هذه الآية فيقول رحمه الله: “الصّبر هو تلقّي المكروه بالاحتمال وكظم النّفس عليه مع الرّوية في دفعه ومقاومة ما يحدثه من الجزع، فهو مركّب من أمرين: دفع الجزع ومحاولة طرده، ثمّ مقاومة أثره حتّى لا يغلب على النّفس، وإنّما يكون ذلك مع الإحساس بألم المكروه. فمن لا يحسّ لا يسمّـى صابرًا، وإنّما فاقد الإحساس يسمّى بليدًا، وفرق بين الصّبر والبلادة. فالصّبر وسط بين الجزع والبلادة، وما أحسن قرن التّقوى بالصّبر في هذه الموعظة وهي أن يمتثل ما هدى الله إليه فعلاً وتركًا، عن  باعث القلب، وذلك من عزم الأمور أي الّتي يجب أن تعقد عليها العزيمة، وتصحّ فيها النيّة وجوبًا محتّمًا لا ضعف فيه”.ولمّا كان الصّبر بهذه المنزلة جعل الله تعالى جزاءه عظيمًا جليلا غير محدود ولا ممنون، قال تعالى: {إنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} الزّمر:10.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات