رهان ألعاب المتوسط 2021 يشعل صراعا قديما بين البلدين

+ -

أشعل السباق على احتضان دورة 2021 للألعاب المتوسطية صراعا قديما بين الجزائر وتونس، رغم التجاوب الكبير بينهما على أكثر من مستوى، لاسيما ما تعلق بالجانب السياسي والأمني وحتى السياحي. ومع اقتراب موعد الإعلان عن الفائز بين مدينتي وهران وصفاقس ارتفعت درجة مناورات البلدين للفوز بتنظيم الدورة، التي تمثل رهانا كبيرا للبلدين للترويج وتلميع صورتيهما عبر حوض البحر المتوسط. بحكم اقتراب موعد الإعلان عن المدينة الفائزة بين وهران وصفاقس بتنظيم دورة الألعاب المتوسطية 2021، يوم 27 أوت القادم ببيسكارا الإيطالية، لجأت الجزائر وتونس إلى رفع سرعتيهما بمناسبة إعطاء إشارة انطلاق عملية الترويج لملفي ترشحهما لاستضافة الألعاب، بعدما تم ضبط التقارير التي أعدها المفتشون بمناسبة الزيارات التفقدية التي قاموا بها إلى كل من وهران وصفاقس.ورغم ارتفاع درجة التنسيق والانسجام بين الجزائر وتونس على أكثر من صعيد، إلا أن الصراع على أشده بين البلدين للفوز بتنظيم الألعاب المتوسطية، وهو الصراع الذي يذكر الجزائريين والتونسيين بالمشاحنات والتوترات التي كانت تطبع العلاقات بين الجزائر وتونس ليس فقط عند الترشح لاحتضان المواعيد القارية والعربية، بل أيضا في المنافسات الرسمية الرياضية، حيث غالبا ما كانت الندية تطبع ممثلي البلدين قبل أن تعرف العاصفة هدوءا مؤقتا إثر المصاعب الأمنية التي أصبحت لا تفارق التونسيين منذ الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي، فقد ألقت هذه المصاعب بظلالها على مشاعر الجزائريين حيال جيرانهم، وساد التقدير والاحترام وسط شباب البلدين، بالنظر خاصة إلى الأفراح التي يصنعها اللاعبون الجزائريون في الأندية التونسية لكرة القدم.ويتسابق البلدان الجاران على ربح أكبر عدد من الأصوات للفوز بتنظيم الألعاب، واختارت الجزائر إطلاق حملتها من مصر، على اعتبار أن الأخيرة تعد من أكبر البلدان المتوسطية، وتاريخها غني عن التعريف، سواء تعلق الأمر بمشاركتها الطويلة في الألعاب المتوسطية أو قدراتها البشرية وإرثها الرياضي كبلد قوي يطل على حوض البحر المتوسط، ووفقا لتقارير صحفية مصرية، فإن ملف الجزائر نال إعجاب السلطات السياسية المصرية التي أشادت بقدرات الجزائر واعتبرت الملف الجزائري مقبولا، في سلسلة لقاءات برمجتها اللجنة الأولمبية الرياضية الجزائرية، برئاسة مصطفى بيراف، مع عدد من اللجان الأولمبية للبلدان المتوسطية المؤثرة.كابوس “كان 2017” يحدث طوارئ في وهرانيحظى ملف الجزائر بدعم السلطات السياسية ومتابعة خاصة من الوزير الأول، الذي استفسر عن استعدادات مدينة وهران عندما نزل ضيفا على عاصمة الغرب الجزائري، ومعنى ذلك أن السلطات تخشى تكرار فضيحة فشل الجزائر في الفوز بتنظيم كأس أمم إفريقيا 2017، عندما ساد الاعتقاد أن الجزائر كانت البلد الأوفر حظا للفوز بتنظيم الدورة القادمة، لكن النتيجة فاجأت وخيبت الرأي الرياضي الجزائري.وخوفا من حدوث نكسة جديدة تحسب على الحكومة الحالية، لم يتأخر سلال عن إعطاء ضمانات وكل أشكال الدعم للسلطات المحلية في وهران للفوز بتنظيم الألعاب التي تعرف مشاركة 24 دولة، أغلبها تقع في قارة أوروبا، وأطمأن الوزير الأول على اقتراب انتهاء الأشغال بالملعب الذي يتسع لـ40 ألف مقعد ببلدية بير الجير، كما تلقى ضمانات بالانتهاء من الأشغال في أغلب المرافق الأخرى، ويتعلق الأمر بالقاعة متعددة الرياضات بسعة 6 آلاف متفرج ومضمار ألعاب القوى وميدان لسباق الدراجات ومركب مائي ونادي للتنس، تزامنا مع اقتراب موعد انطلاق أشغال إنجاز قرية أولمبية مخصصة لإقامة الوفود المشاركة.تونس تخسر نقاطا والتمويل أكبر هواجسهاليس سرا القول إن تونس تواجه مصاعب مالية تولدت إثر الثورة التي أطاحت بالرئيس بن علي، ما أثر على تمويل المشاريع المخصصة لتنظيم الألعاب المتوسطية. ونقلت تقارير صحفية تونسية أن المتابعين للشأن الرياضي بتونس يترقبون تعطل إنجاز المنشآت الرياضية، ويقرون أن البنية الأساسية قد تمثل العائق الأبرز أمام عاصمة الجنوب التونسي، بحسبهم، رغم التعبئة العامة التي أعلنتها الحكومة لضمان فرص الفوز بتنظيم الموعد المتوسطي.وعبّر الشارع التونسي، خاصة في مدينة صفاقس، عن مخاوفه من الفشل في تنظيم الألعاب، بعد الزيارة التي قام بها المفتشون لملعب “المهيري” لكرة القدم ومجمع النادي الصفاقسي وقاعة “الرائد البجاوي” والمسبح البلدي، إضافة إلى عدد من الوحدات الفندقية والصحية بالمدينة، رغم الرسالة التي أراد من خلالها رئيس اللجنة الأولمبية التونسية، محرز بوصيان، توجيهها إلى التونسيين من أن المدينة لا تفتقد إلى مرافق بقدر ما تفتقد إلى صيانة. واعترف المسؤول بالتكلفة العالية لإنجاز المدينة الرياضية التي لا تقل عن 550 مليون دينار تونسي، بحسبه، داعيا إلى مساهمة الخواص وانخراط الحكومة أكثر في عمليات التمويل.هل تتأثر فرص تونس بالاعتداءات الإرهابية؟سؤال يجدر طرحه في ضوء الأحداث التي عرفتها تونس مؤخرا، فبعد حادثة الاعتداء الإرهابي على متحف باردو، استيقظت تونس على وقع حادثة مماثلة راح ضحيتها 39 سائحا أجنبيا في مدينة سوسة، ما استدعى إقرار تعبئة عامة وحالة طوارئ في صفوف الشرطة والجيش للتصدي لاعتداءات إرهابية محتملة، بعدما قرر الآلاف من السياح العودة إلى ديارهم. وكما كان عليه الحال في أكبر المواعيد، يرجح أن تتأثر فرص تونس في احتضان الموعد المتوسطي بالاعتداءات الإرهابية، حتى وإن بقيت صفاقس بعيدة عن التهديدات الإرهابية، حيث يعد المقياس الأمني خطا أحمر بالنسبة لأصحاب القرار.وسيكون التونسيون أمام تحد معقد لإقناع أصحاب القرار بتوفير الأمن لضيوفهم وبقدراتهم في تجاوز الأزمة الأمنية، خاصة أن بلدان الضفة الشمالية لبحر المتوسط لن تتسامح مع أي تقصير في التكفل الأمني بالضيوف. مع أن الاعتداء على متحف باردو كان ممكنا أن يشكل امتحانا جادا لفعالية تدخل الجيش والشرطة في شن عمليات استباقية ووقائية ضد المسلحين. فهل تستطيع تونس تجاوز محنتها الأمنية أسابيع قليلة قبل الإعلان عن المدينة المحظوظة؟

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات