+ -

 قُرنَت الصّلاة إلى الصّبر، فهي المعين الّذي لا ينضب والزّاد الّذي لا ينفد؛ المعين الّذي يُجدّد الطّاقة، والزّاد الّذي يزوّد القلب فيمتد حبل الصّبر ولا ينقطع، ثمّ يضيف إلى الصّبر الرِّضا والبشاشة والطّمأنينة والثّقة واليقين. ومن ثمّ يوجّه اللّه المؤمنين هنا وهم على أبواب المشقّات العظام إلى الصّبر والصّلاة فيقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّه مَعَ الصَّابِرِينَ} البقرة:153. نعم إنّ اللّه مع الصّابرين يؤيّدهم ويثبّتهم ويقوّيهم ويؤنسهم، ولا يدعهم يقطعون الطّريق وحدهم ولا يتركهم لطاقتهم المحدودة، وقوّتهم الضّعيفة، إنّما يمدّهم حين ينفد زادهم، ويجدّد عزيمتهم حين تطول بهم الطّريق. والأحاديث في الصّبر كثيرة نذكر بعضها: عن خباب بن الأرث رضي اللّه عنه قال: شكونا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو متوسّد بُردَة في ظلّ الكعبة، فقلنا: ألاَ تستنصر لنا؟ ألاَ تدعو لنا؟ فقال: “قد كان من قبلكم يُؤخَذ الرّجل فيحفر له في الأرض، فيجعل فيها ثمّ يؤتَى بالمنشار فيُوضَع على رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، ما يصدّه ذلك عن دينه.. واللّه لَيُتِمَنَّ اللّه تعالى هذا الأمر حتّى يَسير الرّاكب من صنعاء إلى حضرموت فلا يَخاف إلاّ اللّه، والذِّئب على غنمه، ولكنّكم تَستعجِلون” أخرجه البخاري وأبو داود والنّسائي. وعن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال: “كأنّي أنظُر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحكي نبيًّا من الأنبياء عليهم السّلام ضربه قومه فأدموه وهو يَمسح الدّم عن وجهه وهو يقول: “اللّهمّ اغْفِر لقومي فإنّهم لا يَعلمون” رواه الشّيخان، وفي حديث أخرجه الترمذي عن يحي بن وثاب، عن شيخ من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “المسلم الّذي يُخالِط النّاس ويَصبِر على أذاهم خيرٌ من الّذي لا يُخالطهم ولا يَصبِر على أذاهم”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات