+ -

 إذا كان من مقاصد الصّيام تقوى اللّه عزّ وجلّ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصَّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِنْ قَبلِكُمْ لَعَلَكُمْ تَتَقُونْ} البقرة:183، فهل يكون مُتّقيًا مَن يصوم بطنه عن الطّعام؟ ولا تصوم جوارحه، ولا تصوم عينه عن النّظر إلى الحرام، ولا سمعه عن الغناء، ولا لسانه عن الغيبة والنّميمة والكذب وقول الزور والسّبّ والشّتم والغشّ والاعتداء، وغير ذلك من المخالفات القولية أو الفعلية.هناك من النّاس للأسف الشّديد مَن يجمع الثّواب في نهار رمضان، ثمّ يَحرق ذلك بالسّهرات المفرطة في لياليه في الملاهي والمقاهي والعكوف على لعب القمار والسّلوك المنحرف.إنّ الصّائم المتّقي يَحفظ بصره وسمعه ولسانه، فعن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “مَن لم يدع قول الزّور والعمل به، فليس للّه حاجة في أن يَدَع طعامه وشرابه” رواه البخاري.فاحذر يا عبد اللّه أن يكون حالك كحال مَن قال فيهم المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم: “رُبّ صائم ليس له من صيامه إلاّ الجوع والعطش، ورُبّ قائم ليس له من قيامه إلاّ السّهر” رواه ابن ماجه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه.وفي هذا المعنى يقول القائل:إذا لم يكن في السّمع منّي تصاونوفي بصري غضّ وفي منطقي صمتفحظّي إذًا مِن صومي الجوع والعطشفإن قلتَ إنّي صمتُ يومي فما صُمتولذا يجب على الصّائم أن يتخلّق بحُسن الخُلق الّذي أوصاه به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في الحديث؛ فعن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم “الصّيام جُنّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يَرفث ولا يَصخب، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إنّي صائم” متفق عليه.فيا أمّة محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم هذا شهر رمضان أقْبَل علينا بنفحاته الطيّبة، وهو شهر التّربية، فاغتنِموا هذه الفرصة السّانحة، وارجعوا إلى تعاليم دينِكم الحنيف فستجدون في رحابه الظلّ الظّليل الّذي يَقيكم من حرّ هذه الدّنيا الفاتنة، والدّواء النّاجع لهذا الانحلال الخلقي.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات