جاكلين أرلات..أُزهقت روحها على يد خادمتهـا وعشيقها

38serv

+ -

مضى حوالي شهر ونصف على وقوع الجريمة المروعة التي اهتزت لها مدينة بجاية، ومازال سكان شارع “كليمنصو” يتذكرون الفاجعة بكل تفاصيلها، والعمارة التي كانت مسرحا للجريمة أصبحت موحشة، تنذر بأرواح شريرة تسكنها، فمن يجرؤ على الاقتراب منها أو من شقة الضحية إلا ويتذكر مدى بشاعة الإنسان حين يتجرد من إنسانيته، ويصبح الطمعالعامل المحرك لشهواته، لاغيا بذلك المبادئ والقناعات.من كان يتوقع أن جاكلين أرلات، البالغة من العمر 68 سنة، صاحبة القلب الطيب والمحاطة باحترام وحب الجميع، التي تركت بلدها الأم فرنسا لتستقر في الجزائر وتصبح واحدة من أهل البلد منذ عقود، تكون نهايتها مأساوية على يد خادمتها التي استأمنتها على بيتها وأموالها، فما كان من القدر إلا أن اختارها لتكون حياتها عبرة ومماتها ذكرى حزينة.كان تاريخ 6 ماي 2015 يوما ربيعيا بامتياز، شمس مشرقة ونسيم عليل لا ينبئ بتعكر صفوه. نهضت جاكلين باكرة، ومع أنها كانت تملك خادمة تبلغ من العمر 20 سنة، تساعدها في أعمال المنزل والتنظيف، إلا أن الطبخ كان من أولوياتها، فقد اعتادت أن تحضر طعام الغداء لزوجها بنفسها.تكشف السرقةاختارت جاكلين أن توظف ليندة كخادمة لها، بعدما فقدت خادمتها في حادث سير قبل 4 أشهر. لم يخطر ببالها أن فراستها ستخونها رغم كبر سنها وخبرتها في الحياة، وأن وجه الفتاة الطفولي وملامحه البريئة، الذي كان السبب في اختيارها، ما هو إلا قناع تخبئ وراءه حقدا وإجراما يفوق سنها بكثير.ولم يستغرق اكتشافها لطبائعها الدنيئة وعاداتها السيئة الزمن الكثير، فبعدما عادت جاكلين من فرنسا فوجئت باختفاء مجوهرات وأشياء ثمينة، ولم تكن غير الخادمة في قفص الاتهام. لم تشأ جاكلين أن تهينها على الملأ، كل ما فعلته أنها طالبتها بٳعادة المسروقات إلى مكانها وهددتها برفع شكوى ضدها لدى مصالح الأمن إن لم تفعل.أحيانا الطيبة لا تنفع مع البعض، والعفو عنهم ومنحهم فرصة، هو بمثابة حفر قبر لك دون أن تدري، كون تمرد اللئيم بعد إكرامه غاية في النذالة.وجدت الخادمة في التخلص من جاكلين الحل لمشكلتها، بعد أن فضحت أمرها وهددتها بتسليمها للشرطة.. عقلها الداهية وضع الخطط ورتب لكل شيء، وما كان ينقصها سوى التنفيذ.لم تجد الخادمة وقتا تنفذ فيه جريمتها أفضل من هذا اليوم، العجوز لوحدها منهمكة في المطبخ، وزوجها لن يصل قبل منتصف النهار، فقد استرقت السمع وعلمت أنه لن يأتي قبل أن يتفقد حال المصنع.ضرب وذبح بوحشيةبعد أن أمنت أن لا أحد سيكون شاهدا على ارتكابها جريمة القتل، اتصلت بعشيقها وأمّنت له الدخول إلى المنزل، انتظرت إلى أن خرجت الضحية جاكلين من المطبخ، وبينما هي متوجهة إلى الحمام، تبعتها وعشيقها بخطوات متسارعة، أمسكاها ووجها لها ضربات بوحشية بالغة، ولم يرحما ضعفها وكبر سنها، وعندما قاومتهما وتفاديا لأن يفتضح أمرهما، أخرج الشاب سكينا وطعنها عدة طعنات في مختلف أنحاء جسمها، قبل أن يقوم بذبحها بطريقة بشعة أجهزت عليها.بعد أن ارتكبا جريمة القتل بدم بارد، ودون أدنى شعور بالندم، هربا بسرعة خوفا من أن يدركهما أحد.ظلت المغدورة لساعات ملقاة بحمام المنزل، إلى أن حان موعد وصول زوجها. كانت الساعة 12 زوالا، دق الباب، فلم يفتح له أحد، عاود دق الباب فلم يفتح له أيضا، استغرب الأمر، خاصة أن البيت توجد فيه خادمة، اضطر إلى إحضار المفاتيح الإضافية من المصنع، فتح الباب فلاحظ أن المكان موحش بصمت غير معتاد، نادى على زوجته وهو يتفقد الغرف، ليصدم بمشهد مروع تقشعر له الأبدان وهي غارقة في دمائها.صدم لرؤية زوجته ممدة بلا حراك، تتوسط بركة دمائها، لم يتحمل بوعلام طياب المشهد الذي رآه، فأصيب بانهيار عصبي أفقده اتزانه، وبدأ يردد كلاما غير مفهوم ويلفظ بأسئلة عشوائية، عله يجد إجابات عليها، وعندما استحال عليه تصديق ما جرى وغابت الإجابات، انتابته حالة هستيرية أفقدته الشعور بالواقع.عندما سمع الجيران صراخ الرجل، اتصلوا على الفور بمصالح الأمن، كانت الساعة تشير إلى الواحدة زوالا، طوّقوا العمارة وباشرت الشرطة العلمية ووكيل الجمهورية التحقيق والتحري، إلى أن وجدوا أداة الجريمة، وأخذت الوقائع والمعطيات تشير إلى متهم واحد وأوحد “الخادمة”.

إلقاء القبض على الخادمةبعدما أصبحت حيثيات الجريمة مكشوفة، واستوفت شروط حلها، أصدر وكيل الجمهورية إذنا بالقبض على الخادمة، داهم الأمن منزل المشتبه فيها، في حدود الساعة الرابعة مساء وقبض عليها، وبعد مواجهتها ببعض الأدلة والقرائن التي تشير إلى تورطها، التزمت الصمت وأنكرت ضلوعها في الجريمة. لاحظ المحققون آثار ضرب وخدوش على يديها ورجلها اليسرى، واجهوها بها واستنتجوا أن الضحية من أحدثت لها الجروح بفعل مقاومتها. سألها المحقق عن مصدر الخدوش والزرقة على جسمها، ارتبكت ولم تفصح بجواب مقنع، وحين قامت الشرطة الجنائية بالضغط عليها، في إطار الاستجواب، اعترفت على الفور بقتل الضحية، قال الضابط “إن جريمة كهذه لا يمكن أن تقومي بها لوحدك، دون مساعدة، فمن هو شريكك”. تجاهلت سؤاله ورفضت أن تبوح باسمه، وآثرت الدخول إلى السجن وتحمل تبعات ما اقترفته وعشيقها، غير أنها لم تلبث أن أفصحت عن اسم شريكها في الجريمة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات