هل تنتظر الفاف والرابطة تدخل “أف بي آي”؟

+ -

التزم القائمون على الكرة الجزائرية من اتحادية ورابطة وحتى الوزارة الوصية الصمت، بعد تفجير “الخبر” منذ 4 أيام قضية رئيس مولودية العلمة السابق هرادة عراس الذي دفع رشوة لشراء مباراة مولودية بجاية، فلا روراوة ولا قرباج ولا حتى الوزير خمري تطرقوا لهذا الأمر الخطير، وكأنهم ينتظرون الشرطة الفيدرالية الأمريكية للتحرك مثلما فعلت مع الفيفا، أم أنهم يباركون ما فعله هرادة الذي ما هو إلا الشجرة التي تغطي الغابة، في محيط كروي يصلح لأي شيء إلا لممارسة كرة القدم.القوانين الردعية وُجدت لذر الرماد في العيونصمت مبرمج على الفساد الكروي قطعت الاتحادية الجزائرية لكرة القدم الشكّ باليقين بأنها ليست متحمّسة لمحاربة الرشوة التي نخرت جسد كرة القدم في الجزائر، أو أن “الفاف” التي يرأسها محمّد روراوة لا تريد أصلا متابعة تجّار المباريات، وهو موقف يغذيه عدم فتح تحقيقات والقيام بتحريات من الديوان المركزي لقمع الفساد، في وقت بلغ الفساد حدّا لا يطاق.أبدت الاتحادية الجزائرية لكرة القدم من خلال طريقة تعاملها مع مختلف الفضائح المتراكمة بأنها هيئة تتستّر على الفساد الكروي، وهي تعطي الانطباع بأنها تعمل على استئصال الظاهرة من الجذور وإقصاء الراشين والمرتشين، غير أنها في الحقيقة لا تملك أية نية لمحاربة الرشوة.القضايا كثيرة ومتعدّدة وجميعها تفضح الاتحادية والرابطة وكل الفاعلين في كرة القدم الجزائرية، طالما أن ردّة الفعل في كل مرة لم تكن قوية، بل تحرص الاتحادية على المهادنة وعلى عامل الوقت لتسيير قضايا الرشوة، تحت غطاء ضرورة الاحتكام إلى العدالة، ثم تنظر إلى قضايا جديدة بنفس العين دون الحسم في معالجة ما سبق من قضايا مطروحة، على غرار ما يحدث حاليا مع فضيحة عرّاس هرادة الرئيس السابق لمولودية العلمة الذي دفع رشوة إلى وسيط من أجل شراء مباراة “الموب”، حسب تأكيدات مصادر موثوقة لـ “الخبر”.الاتحادية تعاملت مع القضية التي نشرتها “الخبر” بصمت غريب يطرح عدة تساؤلات ويُفقد هيئة رورواة ما تبقى من مصداقيتها في الارتقاء فعلا بكرة القدم الجزائرية إلى عالم الاحتراف بكل المقاييس، بدليل أن “الفاف” لم تكن لها أية ردّة فعل ولم تنشر على موقعها الرسمي أي موقف، رغم أن الأمر يتعلق بقضية رشوة تخص بطولة الاحتراف في الجزائر، والتي سنّ من أجلها رئيس الاتحادية عدة قوانين وفرض إجراءات عقابية شديدة من أجل محاربة الراشين والمرتشين، في وقت يُفترض بهيئة روراوة التحرّك وإبداء موقفها في قضية خطيرة لو كانت فعلا صادقة في مسعاها لانتشال كرة القدم في الجزائر من “البزناسية”. طريقة تعامل “الفاف” مع الفضيحة الجديدة تسيء إلى سمعتها، وتترك الانطباع بأن “قلعة دالي إبراهيم” تغطّي على تجّار الكرة بإيعاز من الرئيس نفسه، فطباع الولاء التام لكل الأندية الجزائرية لشخص الرئيس روراوة وعدم تجرّؤ أي عضو من الاتحادية أو الرابطة على القيام بأي إجراءات دون علمه واستشارته وموافقته وأمره، وحرص روراوة على الهروب من أضواء الفضائح بأي شكل وتفاديه للترويج لأية صورة سيئة عن الكرة التي أسندت له شؤون تسييرها وتطويرها، عوامل مهمة جعلت من قضية هرادة عرّاس تمر على الاتحادية مرور الكرام شأنها شأن مختلف القضايا السابقة، على غرار قضية محمّد زرواطي رئيس شبيبة الساورة في مباراة فريقه أمام شباب باتنة، وقضية الحكم رزقان وعلاقته المشبوهة مع مسؤول نصر حسين داي كمال سعودي قبل موعد مباراة شباب قسنطينة ونصر حسين داي.والغريب أن رئيس الاتحادية يعطي في كل مرة الانطباع بأنه بصدد محاربة الرشوة بلا هوادة، مستندا لتدعيم موقفه إلى القوانين التي يسنّها في كل مرة من أجل القضاء على الظاهرة، غير أن قوانين رئيس الاتحادية بقيت حبرا على ورق، ولم يتم لحد الساعة تطبيق الإجراءات العقابية بحذافيرها على أي فريق أو أي مسؤول فريق أو مدرّب أو لاعب أو حكم، ولم نسمع بسقوط فريق إلى درجة سفلى بسبب قضايا بيع وشراء المباريات، ولا حتى إقصاء رئيس فريق أو مدرّب أو لاعب، عدا الحكمين بيطام ورزقان.السكوت المطبق والمبرمج للسلطات أيضا على تنامي فضائح الرشوة وعلى الفساد الكروي يؤكد بما لا يدع مجالا للشكّ بأن النية أصلا غائبة لمحاربة الظاهرة، وعلى كثرة القضايا لم يتم الذهاب إلى أروقة العدالة إلا نادرا، ولعل القضية الاستثناء هي التي جمعت شباب باتنة بشبيبة الساورة كونها أخذت أبعادا كبيرة، غير أنها انتهت بسحب فريد نزار رئيس “الكاب” للدعوى ضد محمّد زرواطي لينتهي الأمر، رغم أن السلطات كانت ملزمة بمتابعة زرواطي ومحاسبة نزار لأن الأمر يتعلق بالنظام العام.وأمام كل ما يحدث، لم تجد الاتحادية سوى الحكّام لتدفع بعضهم كبش فداء، على غرار الحكم منير بيطام الذي تجرّأ على فضح مسؤولي الاتحادية وزعزعة عرش محمّد روراوة حين اتهم رئيس رابطة كرة القدم محفوظ قرباج ورئيس اللّجنة الفدرالية للتحكيم خليل حمّوم بالضغط عليه من أجل خدمة أندية على حساب أخرى.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات