الصيـد ليـلا مـلاذ البحارة في سواحل تيبازة

+ -

يضطر ممتهنو الصيد التقليدي عبر ساحل ولاية تيبازة لتغيير مواقيت الإبحار إلى ما بعد الإفطار، هروبا من حر الصيف المتزامن مع شهر رمضان الفضيل، حيث يفضل هؤلاء سكون الليل بنسماته الباردة، فينطلقون إلى مواقع الصيد وهناك يقضون لياليهم بحثا عن الأنواع البحرية التي تزيد حركتها في الفترة الليلية. يمتنع أصحاب قوارب المهن الصغيرة عن مزاولة نشاطهم بالشكل المعتاد أيام الإفطار، وهو ما يدخلهم في ضائقة مالية تفرضها عليهم أشعة الشمس الحارقة التي تحول دون صبرهم لساعات في أعالي البحار دون أكل أو شرب، وهو ما يجعل الكثير منهم ينتظر أنوار القمر فيترافقون نحو الأعماق بحثا عما يمكن اصطياده، وهناك يسابقون الليل لتحصيل أرزاقهم.أحد الصيادين قال لـ”الخبر” إن الحرارة تفرض على الصيادين في رمضان بطالة إجبارية، فالمشقة التي يتحملها الصياد خلال باقي السنة تكون أثناء الصيام مضاعفة، وأهم عائق هو العطش الذي لا يقوى أحد على تحمله، ولهذا فالمكوث لساعات عرضة للحر أمر شبه مستحيل، لأن الصياد العادي لا يستغني أثناء رحلة صيد عادية عن استهلاك كمية لا تقل عن لترين من الماء، وهي ضرورية لمواجهة شدة الحرارة الممزوجة بالرطوبة البحرية مع المجهودات البدنية، وهو غير متاح خلال هذه الأيام.الظروف القاسية تدفع هؤلاء إلى التكيف مع الوضع بطرق شتى، فالبعض منهم يضطر لتغيير نمط الصيد، فيختار إلقاء الشباك قبيل الإفطار، ثم يبحر فجرا لاستخراج شباكه مسابقا ارتفاع الشمس، بينما يختار آخرون تصفيف وتجهيز خيوط الصيد الصخري، فينطلقون بعد السحور إلى مواقع قريبة من الساحل، حيث يطرحون مئات الصنانير وينتظرون بزوغ أشعة الشمس فيسارعون إلى جمع خيوطهم التي عادة ما تكون ذات صيد وفير، فيعودون إلى بيوتهم في أوقات الصباح.فئة أخرى من الصيادين ينتظرون اكتمال انتصاف البدر، فيتخذون من نوره إنارة طبيعية، فيتمسكون بمواقعهم المختلفة التي لا تقل عن 9 أميال بحرية وهناك يلتفون حول بعضهم ويقومون باصطياد الأسماك التي تنشط حركتها مع ضوء القمر، وهي طريقة لكسب القوت بعيدا عن متاعب ومشاق الأيام المشمسة.أما المشتغلون بالبواخر الجرارة، فإبحارهم يكون بعد وجبة السحور، حيث ينطلقون نحو أعالي البحر في رحلات تستغرق بضع ساعات قصد الوصول إلى مناطق الصيد في الأعماق السحيقة، فيطلقون شباكهم نحو الأسفل ويخلدون للراحة فيما يسهر الربان على قيادة المركب، قبل أن يعودوا للعمل عند سحب الشباك ويتوجهوا بعدها نحو الميناء في حدود منتصف النهار، وهو نظام عمل خاص بهذا الشهر الفضيل الذي يتزامن مع فترة الراحة البيولوجية التي تحتم على هذه البواخر اصطياد أسماك الأعماق والقشريات البيضاء والحمراء فقط.   

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات