+ -

 كلمتان متقاربتان في البناء والتّركيب والحركات، ومتقاربتان أيضًا في المعنى: الكُره والكَره. فالكُره: المشقّة المرغوبة، كتكليف القتال الشّاق على النّفس، ولكن النّفس المؤمنة ترغبه وتطلبه رغم مشقّته وصعوبته، لذلك وصف بأنّه (كُره) بضمّ الكاف، أي ثقيل وشاق، ولكنّه مرغوب ومطلوب مراد للمُجاهدين الصّادقين، وذلك لثماره الإيجابية في الدّنيا والآخرة.قال الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}. ولمّا كان حمل المرأة شاقا صعبا مُتعبا مرهقا، يضعف جسمها ويؤثّر في أعصابها ونفسيَّتِها، وقد يصيبها بالأمراض أو تودّي بحياتها. علاوة على ذلك آلام المخاض، وأوجاع الطّلق، ومشقّة الولادة، ولكن رغم كلّ هذا فالمرأة ترغب في الحمل والإنجاب، وتستعذب هذه المشاق، وتطلب الحمل وتريده!ولهذا عبَّر القرآن الكريم عن حملها ووضعها بأنّه (كُرهٌ) أي مشقّة وصعوبة وثقل، فيه آلام وأوجاع وأخطار، لكنّه مرغوب ومطلوب لدى المرأة، مقرونة باللّذة والشّوق، قال الله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا}.الكَره: وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم خمس مرّات، بمعنى: الإكراه والإجبار والقسر، قال الله تبارك وتعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِين}. وقال عزّ وجلّ: {وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ}. فالكافر أسلم لله رغم أنفه، وهو كاره رافض، لذلك اعتبر استسلامه (كَرهًا) بفتح الكاف.ويسجد لله مكرهًا مجبرًا، وليس هكذا استسلام المؤمن لله، ولهذا وصفه القرآن الكريم بأنّه )طًوْعًا) وجعله مقابلاً ومضادًا لاستسلام الكافر وخضوعه الجبري لله تبارك وتعالى. حتّى إنفاق المنافقين لأموالهم رغم أنوفهم، إنفاق بسبب القسر والإكراه، وذلك لأنّهم يريدون به التّمويه على المسلمين، ولهذا وصف الله إنفاقهم بأنّه (كَره) وأمرنا أن نقول لهم: {قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ}. وقال الرّاغب الأصفهاني: الكَرْه: المشقّة الّتي تنال الإنسان من خارج، فيما يُحمَلُ عليه بإكراه، والكُرْهُ: ما يناله من ذاته، وهو يعافه.كلية الدراسات الإسلامية بقطر

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات