إضراب أم صيامǃ

رمضان أدخل الحكومة الجزائرية في سبات عميق.. فلا يوجد أي نشاط للوزراء وغيرهم.. والكل ينتظر “شربة رمضان” في بيتهǃ حتى الرئيس بوتفليقة صام هو الآخر عن النشاط المعتاد الذي كان يقوم به أمام الكاميرات، من خلال استقبال الرؤساء الذين يزور بعضهم الجزائر بطلب من الجزائر في الغالب الأعم من أجل إظهار الرئيس وهو ينشط دبلوماسيا.بعد رمضان ستأتي العطلة السنوية وستعرف البلاد شهرا آخر من الخمول والركود.. وسيرتفع التضخم من 5% إلى عشرة في المائةǃحتى المعارضة دخلت هي الأخرى في سبات، وهي تنتظر انتهاء رمضان للعودة إلى النشاط عبر الجامعات الصيفية، التي هي في العادة عبارة عن طحن للماءǃ ويتحوّل الصيام إلى إضراب عن الطعام.. ويتحوّل الإضراب إلى إضراب عن السياسة.. أحزاب الحكم أجّلت هي الأخرى معاركها الداخلية إلى ما بعد رمضان، وقد يتم استئناف هذه المعارك بعد رمضان من خلال الجامعات الصيفية أو الترتيبات السياسية التي ستسبق الدخول الاجتماعي.الإعلام الجزائري المسكين كان جله يتغذى على الأخبار السياسية لشبه السياسة وشبه الأحزاب وشبه الحكومة وشبه الرئاسة.. وعندما اختفت نشاطات هؤلاء.. دخل الإعلام في أزمة ولم يجد ما يملأ به المساحات الصحفية والقنوات، غير برامج بائسة تتعلق بالكاميرات المخفية والمسابقات البائسة من نوع توزيع الجهل عبر الفضاء، مثل القول إن التطفيف هو الزيادة في الأسعار.. في حين التطفيف هو الغش في الكيل أو الميزانǃحتى شركات الإعلانات نشطت في رمضان لتغطية العجز في المادة الإعلامية، خاصة بالنسبة للقنوات (الأجنبية الوطنية) العاملة في الجزائرǃالعديد من قنوات الفضاء أصبحت تملأ ساعات البث بأخبار الأحوال الجوية وأخبار درجة الحرارة خدمة للصائمين ظاهريا، ولكن في الواقع هو عملية ملء الفراغات البرامجيةǃولولا نشاط (داعش) في زرع الدم والرعب في العديد من البلدان العربية، لكانت قنوات الفضاء خالية من أي أخبار تذكر.حالنا في الجزائر مثل بقية أحوال العرب في بلاد العرب.. نصوم في النهار عن الأكل والعمل، ونفطر في الليل على الطعام والفواحش.. نصلي التراويح ونروّح عن النفس بمسلسلات هز الأردافǃبلدنا في رمضان يعيش الضياع بكل معانيه، السياسية والاقتصادية، المواطن في رمضان يتيه فعلا بين النوم والسوق والمائدة وقفة رمضان.. والخوف من قنابل ورصاص داعشǃ[email protected]