+ -

 قضت الحياة أن يكون سعي الإنسان على خلف {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} ، وفرضت ضرورتها أن تفترق وجهات الخلق {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} ، غير أنّ الكيّس مَن دان نفسه وعَمِل لمَا بعد الموت، وجعل الدّنيا مطيّة للآخرة ولم يبع دينه بعرض منها قليل. هذا وإنّ شهر رمضان فرصة تقام فيه أسواقٌ وأسواق، أسواقٌ للدّنيا تحكمها الأذواق، وأسواقٌ للآخرة تنيرها الأشواق، أمّا الآخرة فأسواقها دور العبادة وأماكن الخير وساحات البرّ ورباطات الأمن والعدل، ومنابر المعروف ومخابر الإتقان والإحسان وغيرها، ممّا جعله الله سببًا لنفع الخلائق وإسعادهم، وأمّا الدّنيا فأسواقها زخرف بال وبهرج تال، وبريق خلب، وبضائع تجلب يُراد فيها ربح العاجل ويبعد فيها النّسيء الآجل، تكاد تحكمه قاعدة الجشع الرأسمالي “دعه يعمل، دعه يمّر” بلا حسيب ولا رقيب. بيد أنّ مهمّة أسواق الآخرة أن تفيض أنوارها على المرء فيراقب ربّه في شغله وعمله وتجارته حين يدخل أسواق الدّنيا، فتجد صدق الحديث وحسن المعاملة، إن باع فلا غشّ، وإن ساوم فلا غرر، وإن كال أو وزن فلا تطفيف، وإن صنع وأنتج فجودة وإتقان.. فهل تجد في أسواقنا أثرٌ للقرآن الّذي يتلى؟! وهل تلمح في تجارتنا أنوار الطّاعة تجوب أرجاءها؟! اللّهمّ إلاّ مَن رحِم ربّي، واللّه المستعان!  

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات