مغتربون: “رمضان خارج الجزائر بلا طعم ولا رائحة”

38serv

+ -

وطأت أقدام العائدين من الدول الأوروبية أديم ميناء الجزائر يوم الأحد الماضي، وكلّهم شوق وتلهف لقضاء رمضان بنكهة جزائرية لها بعدها الروحي المعنوي المتميز، تتخلله طقوس وتقاليد وأطباق وحلويات  محلية عريقة، بالإضافة إلى “مبارزات” لا تتوقف في حلبات الأسواق الشعبية، تاركين رمضان  بنمط أوروبي غير مرغوب فيه، امتلأ بـ”الإسلاموفوبيا”، بعد “زلازل” إرهابية  ضربت عمقه بدرجة “الموت” في مقياس الهجمات الدموية. أرخت باخرة طارق بن زياد حبالها وأوقفت محركاتها ودواليبها ووضع العمال المدرجات أمام المخرج تمهيدا لهبوط الركاب، واصطف أعوان الشرطة لاستقبالهم في مبادرة لتسهيل إجراءات الإدارة والمراقبة، بمناسبة الشهر الفضيل وبداية موسم الاصطياف، حيث تكثف الباخرة من رحلاتها لتصل إلى اثنين في الأسبوع.كانت علامات الفرح تتطاير من وجوه الوافدين.. الابتسامات مرتسمة على محياهم والأفراح تسكن أعماقهم، وكأنهم على موعد سار في انتظارهم، غير أن الحقيقة هي سحر الجزائر والحنين إليها وفرحة العودة إلى الأوطان بعد طول غياب في بلاد الغربة والمهجر.مع من كبرنا معهملم أكن أعلم أن الاشتياق للأهل والأحباب يدمي القلوب إلى درجة البكاء.. ينفجر محمد بالكلام .. تنهّد وواصل مجيبا على سؤالنا حول أوجه الاختلاف والتشابه في رمضان بين الضفتين “لا يمكننا مقارنة الأبيض مع الأسود، فرمضان هنا مشبع بالقيم الروحية والمعنوية ومتخم بأجواء سحرية تذكرنا بالطفولة حيث كنا نتجمع بين ثنايا أحيائنا ونشرع في الحديث عن قصص منها الحقيقية وأخرى خرافية. أما الشهر الفضيل في بلاد أجنبية، فإنه فاقد لجوهره، فأول أيامه التي قضيتها بباريس كانت مملة وسوداوية رغم إفطاري عند أختي، وعليه قررت السفر إلى مارسيليا حيث تناولت وجبة الإفطار بالمكان المعروف بـ”نواي”، لأكمل اليوم المشوار إلى الجزائر ومنها إلى عمقها حيث المقهى الشعبي لأرتشف فنجانا من القهوة بمعية أبناء الحي الذين كبرت بينهم ومعهم”.ومن مدينة سومير المعزولة شمال غربي فرنسا، جاءت فتيحة لتقضي كل أيام رمضان وعيد الفطر بمعقل أهلها بخميس مليانة، وهي التي قضت أكثر من ستة أشهر في الغربة الحقيقية بمعزل عن أبناء جلدتها كليا، بين جنبات تلك المدينة الخالية من العرب والمسلمين التي تسكنها منذ 2002، تاركة أبناءها الأربعة هنا بالجزائر بعدما رفضت السفارة الفرنسية منح بعضهم تأشيرة العبور، فيما فضل آخرون منهم البقاء في الجزائر، وهو ما جعلها تقيم جسرا جويا تسافر عبره كل ستة أشهر.نحب الجزائر ولكن..   أما إبراهيم ابن حي الحراش، فبدا منزعجا من الواقع الاجتماعي في الجزائر وألقى باللوم على الإداريين. ورد على سؤال حول تنامي موجة العداء للمسلمين في أوروبا، قال “حتى في الجزائر هناك عنصرية كبيرة لكنها ليست بأبعاد طائفية أو عقائدية، وعليه لم تعبر الحدود أو القارات”.وحين سألنا صاحبنا عن أحوال الجزائر ومدى تحسن ظروفها مقارنة بالماضي، أومأ برأسه وتساءل “هل أنت جزائري أم ماذا؟ لا تسأل عن شيء الكل نعرفه، فالحياة مضنية هنا، وأنا جاءت بي رائحة رمضان ونكهته مع العائلة ليس إلا، فالحياة في أوروبا تخضع لمنطق القانون وليس لقانون الغاب”.في رأي محدثنا، فإن المعاناة تبدأ بمجرد دخول الميناء، خاصة في الشتاء، حيث تكون الإجراءات ماراطونية والانتظار في الصقيع والوقوع فريسة دسمة بين مخالب البيروقراطية وبعض الأعوان الفاسدين من الجمارك الذين يكونون دائما في حالة تأهب لأخذ “البقشيش” وما جادت به أيدي العائدين. هواري عبد القادر أتى من عاصمة الضباب لندن، وأبدى استحسانا تجاه الخدمات المقدمة داخل باخرة طارق بن زياد، منبها إلى أن شهر رمضان لا يحتسب على أساس نوعية التجوال والبرامج التلفزيونية، بقدر ما يتخذ معناه من خلال الإحساس بالفقراء ممن لا يستطيعون ضمان لقمة العيش يوميا، إذ يكونون في حالة صوم يوميا تقريبا، مذكرا بأن الإجراءات الأمنية على مستوى الميناء قد تغيرت ولم تعد كسابق عهدها ماراطونية ومرهقة تدوم 4 ساعات، لتصبح أكثر مرونة مؤخرا إذ ننهي ختم الوثائق ونغادر الميناء في مدة لا تتجاوز 15 دقيقة.   رداءة في الخدماتكانت علامات الإرهاق والتعب تبدو على أحد الشيوخ ممن تحدثنا إليهم أثناء نزولهم، إذ وبمجرد ما بادرناه بسؤال عن نوعية وجودة الخدمات استرسل لائما الطاقم عن رداءة وجبة الفطور المقدمة وعن عدم نقاوة المحيط، بالإضافة إلى تأخر الانطلاق، إذ انتظروا قرابة الثلاث ساعات بمدينة مارسيليا.    

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات