+ -

مرّت العشر الأوائل من شهر رمضان كلمح البصر، إلاّ أنّ الكثيرين منّا يتساءلون: هل قمنا باغتنامها؟ فإن كانت الإجابة بلا.. فما زالت الفرصة أمامنا في العشر الثانية وهي مشهورة بأنّها عشرة المغفرة والثالثة الّتي هي عشرة العتق من النّار، دون أن ننسى أنّ في العشرالأواخر ليلة جعلها الله سبحانه وتعالى بألف شهر وهى “ليلة القدر”. يحتاج الصّائم إلى وقفة لمحاسبة نفسه في العشر الثّانية، حتّى يستدرك ما فاته في العشر الأوّائل، لأنّ شهر رمضان الفضيل فرصة عظيمة لترك المنكرات والابتعاد عن المحرّمات، كما أنّه فرصة لإعادة تقويم للسّلوكيات الخاطئة الّتي ترتكب ليلاً ونهارًا، وهو أيضًا فرصة للتزوّد بالخيرات والتقرّب إلى ربّ العباد سبحانه وتعالى. فعلى المسلم أن يغتنم أيّام وليالي رمضان في التقرّب إلى الله عزّ وجلّ والاستزادة من موسم الخيرات والطّاعات، وأن يكون من السّابقين إليها ومن المتنافسين فيها، قال الله عزّ وجلّ: “وفي ذلك فليَتَنَافس المُتنافِسون”، ويشكر الله تعالى أن بلّغَهُ هذه الأيّام من الشّهر الفضيل، لأنّ أناسًا أدركوا رمضان الفارط ولم يدركوا هذا الشّهر في هذا العام، بل إنّ أناسًا أدركوا بعض أيّام هذا الشّهر الكريم وباغتهم الموت ليقطع عنهم إكمال بقية الشّهر، وقد لا يدري أحدنا هل يكمل أيّام وليالي الشّهر الكريم أم لا. وعلى المسلم تجديد التّوبة إلى الله تعالى، فقد ثبت في الصّحيحين عنه صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: “لله أشدّ فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه، وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلّها، فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثمّ قال من شدّة الفرح اللّهمّ أنت عبدي وأنّ ربُّك” أخطأ من شدّة الفرح. فكيف فرحة الله بتوبة عبده؟ تخيَّل ذلك في نفسك.كما أنّه تنتظرك العشر الأواخر وما أدراك ما هي؟ فقد كان مولانا وسيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يجتهد بالطّاعات والقُربات في هذه العشر ما لا يجتهد في غيرها من الأيّام، فعن أمّ المؤمنين السيّدة عَائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يَجْتَهِدُ في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره”، وكان صلّى الله عليه وسلّم في العشر الأواخر يُحيي ليله ويوقظ أهله لينالوا من رحمات الله وبركاته، فقد روت السيّدة عائشة رضي الله عنها: “كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا دخل العشر شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ”.ولقد كان في العشر الثانية من شهر رمضان المبارك فتوحات عظيمة على المسلمين، نصر الله فيها الإسلام وأهله، وأذلّ فيها أهل الإلحاد والمشركين، وأخزى فيها المنافقين، ونصر الله الرّسول صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه يوم بدر، وهي في العشر الأوسط من رمضان، وسمّاه يوم الفرقان فرّق الله فيه بين الحقّ والباطل، وهو يوم سبعة عشر من رمضان، وهو يوم جمعة.  

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات