أذان مساجد البايات يغيب عن قسنطينة لأول مرة منذ قرن

+ -

كانت فرنسا الاستعمارية تحاول دائما إسكات صوت الأذان، خاصة بالمدينة القديمة التي كانت تقطنها أغلبية عربية وأسر فرنسية خصصت لها أحياء ممنوعة من الدخول على الجزائريين، إلا أنها لم تستطع كون تهديم مسجد واحد يعني سقوط سلسلة من البيوت، كما كانت تخاف من ردة فعل سكان قسنطينة الذين كانت تمثل لهم هذه المساجد إرث المدينة المتبقي، إلا أنه في هذه السنة ولأول مرة منذ أزيد من قرن يغيب صوت الأذان بسبب أشغال الترميم في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية. سيحرم قاطنو الشوارع الضيقة بالمدينة القديمة من سماع أذان المساجد العتيقة التي تعود إلى القرون الماضية، التي يعلو صوتها في وقت واحد ومن منابر مختلفة، وهو الصوت الذي ألف الجميع سماعه وبقرب شديد يجعل الروح تنسجم مع نفحات الشهر الفضيل، حيث يمكن لأي شخص من السكان أو من المارة ولوج المسجد في بضع ثواني لكثرتها وتواجدها في مختلف الأحياء وقربها من بعضها البعض، على غرار سيدي لخضر وأحمد باي والكتانية والمسجد الكبير، خاصة أن مظاهر وصورة العادات والنشاطات التي تمارس في رمضان لا يراها الوافدون والقاطنون إلا في المدينة القديمة، حيث تتخذ لنفسها حلة جديدة واستثنائية ممزوجة بـ«الفواحات” والبهارات وأنواع الحلوى التقليدية التي تصنعها النسوة في المنزل وتباع على الرصيف حيث ينبع الإحساس بالشهر الكريم.رمضان هذه المرة ليس كباقي الشهور الماضية، فبعدما كانت المساجد والزوايا الصغيرة تظل مفتوحة على مدار اليوم وتزين بالمصابيح الملونة، ويقصدها الشيوخ والشباب وحتى الأطفال إلى جانب النسوة والفتيات لأداء صلاة التراويح، خاصة أن هذه المساجد تتواجد بالقرب من المنازل وتعد مؤسسة اجتماعية تجمع الكل على كلمة واحدة وتقرب القلوب، فإن السلطات الجزائرية فعلت ما لم تتمكن فرنسا وبجيوشها من فعله، حيث أغلقت المساجد القديمة الهامة والمعروفة.وتحمل هذه المساجد عمقا ضاربا في التاريخ، حيث إنها شيدت في عهد البايات وصنفت ضمن الوقف، كما درس فيها أغلب المشاييخ على رأسهم العلامة عبد الحميد بن بأديس، وظلت صامدة رغم عوامل الانهيار والتشققات التي ظهرت عليها، حيث ظلت صامدة ولم تسكت مكبرات صوتها، إلى أن قُرر غلقها بحجة الترميم في إطار برنامج قسنطينة عاصمة للثقافة العربية، وظلت مغلقة منذ سنة دون مباشرة الأشغال فيها، ومنع المصلين من دخولها، ما عدا القليل منها الذي لا يستوعب عدد المصلين الذين سيجدون أنفسهم مجبرين على قصد المدينة الجديدة التي تبعد بـ30 كيلومترا عن المدينة القديمة، التي لم تمنح أي ترخيص لمصليات عكس الجديدة التي منحت تراخيص بفتح 9 مصليات.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات