38serv

+ -

اختارت قناة الخبر “كاي بي سي” الممثل القدير حسان بن زيراري ليطل ضمن برامجها الرمضانية، مسافرا بين الخبرة وروح الشباب، متصفحا دفاتر البيروقراطية والإدارة الجزائرية في عمل كوميدي مميز لمدة عشرة دقائق بعنوان “مكانش مشكل”. لا يزال حبه وتعلقه بمهنة الفن قويا جدا، ويصنع الحدث كل عام، فالممثل حسان بن زيراري، الذي اختار منذ خمسين عام، أن لا يرتدي ثوبا واحدا في حياته، ويتقمص شخصيات كثيرة، يعرج هذه المرة على الحديث عن واقع الإدارة والبيروقراطية، التي تبدو، حسب سلسلة “مكانش مشكل”، وباء ينخر المجتمع الجزائري منذ عقود. فكرة السيناريو الذي كتبه مالك حدار، وقدمه إخراجا للتلفزيون يحي مزاحم، أثار اهتمام الممثل حسان بن زيراري منذ البداية، ليضع حلم الخبرة وسنوات العمل بين المسرح والتلفزيون والسينما، في تجربة جديدة، يقودها رفقة الممثل صالح أوقروت كل يوم عبر قناة “الخبر”.اليوم وجود اسم الممثل حسان بن زيراري في جينريك أي عمل سينمائي أو تلفزيوني إضافة في حد ذاته، فسلسلة “مكانش مشكل” التي تقدمها قناة “الخبر” “كاي بي سي” من 20 حلقة، بطعم السياسة الساخرة، هي نتيجة سنوات العطاء الفني والإبداع، التي انطلقت تحديدا منذ 1964 عبر المسرح، ثم التلفزيون والسينما، حيث قدم أعمالا خالدة، وفي مسيرته الإبداعية عشرات الأعمال الكوميدية. هذا اللون الفني لا يزال يستهوي ابن مدينة قسنطينة، كيف لا وهو من قدم حصة “أعصاب أوتار” لمدة 15 سنة كاملة رفقة المخرج محمد حازولي، وبرامج مختلفة ومتنوعة وأعمال سينمائية شارك فيها منقوشة بذهب في ذاكرة كل الجزائريين.عندما سألناه: “ما الذي أضافه لك الفن طيلة تلك السنوات؟”، أخذ نفسا عميقا ثم غاص في تشريح مفاهيم الشهرة والمعجبين والنجومية، واختار حسان بن زيراري التواضع أسلوب حياة للتواصل مع الجمهور الذي يستوقفه عند كل زاوية ومحطة لالتقاط الصور معه. أثناء لقائنا به في أمسية رمضانية كان الأطفال والنساء في انتظار فرصة التقاط صورة مع نجمهم المحبوب الذي يبتسم لهم ببشاشة ويمزاحهم قبل أن يمنحهم فرصة التقاط الصورة. هذا التواضع يمنحه مزيدا من الشكر على أدائه المميز طيلة تلك السنوات، وهو يمنحه إحساس يصفه حسان بالواجب تجاه جمهور جزائري بات اليوم أكثر إصرارا على تقديم النوعية في الأعمال الفنية من أي وقت مضى. فحسان بن زيراري لا يعتبر نفسه نجما، بل شخصا مشهورا منحه حب المهنة رصيدا من احترام الناس. يبقى اعتراف الجمهور الكنز الكبير الذي ورثه من الحقل الفني، هذا الاعتراف ليس له قيمة، كما قال حسان بن زيراري بخصوص حياة الفنان في الجزائر إنه لولا “حب المهنة لكنت سأجد نفسي اليوم موظفا في مجال آخر.. بعيدا عن التمثيل”، قال وهو يتحدث عن حياة الفنان في الجزائر وأوضاعه، وهو يحمل غصة في حلقه. الممثل حسان بن زياري عمره الفني نصف قرن، عرف خلاله طعم الهجرة قسرا تحت ضغط “الإرهاب” الذي حاصر البلاد سنوات التسعينيات، كغيره من النجوم والمبدعين الجزائريين. لست أدري كيف نقل لنا نجم الكوميديا الجزائرية إحساسا بحزن دفين، يرفض الكشف عن تفاصيله، قائلا: “لا أريد التباكي على واقع البلاد”، لكن الألم وصل في لحظة حديثه عن الفنان الجزائري، الذي لا يزال يعاني من التهميش رغم وعود المسؤولين، أمام أزمة المنتج المنفذ ونقص فرص التكوين، وتراجع دور معهد الفنون الدرامية ببرج الكيفان، الذي صار، حسب حسان بن زيراري، عاجزا عن تقديم نخبة فنية تستجيب لطلبات الجمهور وتحترم معايير الإبداع.عاد بنا حسان زيراري إلى أول لقاء مع عالم الإبداع، حيث كان قادما من عالم التدريس، ليوقع عقدا سنة 1964 مع مسرح قسنطينة. عقد أول مع الفن السابع غيّر مجرى حياته، ووضعه تحت الأضواء وزاده مسؤولية وشغفا للتحدي، قبل أن يصل بعد عام فقط إلى محطة التلفزيون ويقدم أول حصة في حياته بعنوان “منكم وإليكم”، مع المخرج محمد حازولي الذي تحول اليوم إلى صديق ورفيق مسيرة نجاح بعد أن التقيا في عدة أعمال هامة.ويبقى المسرح الأهم في مسيرة الفنان حسان بن زيراري، الذي يشدد على ضرورة أن يتلقى شباب اليوم تكوينا في المسرح وفنون الوقوف على الخشبة قبل المضي بأحلامهم إلى عالم السينما أو التلفزيون، حيث لم يتوقف حسان بن زيراري عن لقاء الجمهور فوق خشبة المسرح منذ ستينيات القرن الماضي، حيث قدم مسرحيات متعددة بنكهات مختلفة “كوميديا وتاريخ وسياسة”، منها “الخيانة العظمى” و«توفيق الحكيم”، وهو ما فتح له باب الظهور السينمائي لأول مرة مع المخرج سيد علي مازيف سنة 1971 مع فيلم “العرق الأسود”، ليوقع بصمته الفنية في فيلم “دورية نحو الشرق” مع الراحل عمار العسكري، وهكذا يأخذ الطموح حسان بن زيراري ليعانق العالمية مع “سنوات الجمر” مع لخضر حامينة المتوج بالسعفة الذهبية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات