أمريكا تتجسس على رؤساء فرنسا! هذا ليس بالأمر الجديد، بل الجديد فعلا هو أن تعتقد فرنسا أنها ليست تابعة لأمريكا أمنيا! فمنذ الحرب العالمية الأولى ونجدة أمريكا لفرنسا تحوّلت فرنسا أمام أمريكا إلى “شبه عشيقة” “للهزي” العالمي الأمريكي في مجالات الأمن والسلاح وحتى الاقتصاد والسياسة، ومن حق العاشق أن يراقب هاتف عشيقته!نتذكر أننا في الخمسينيات كنا نشاهد الجيش الفرنسي الذي هو جزء من الحلف الأطلسي يستخدم العتاد الحربي الأمريكي.. من “جي آم سي” شاحنة نقل الجنود إلى سيارة “جيب” إلى الهيليكوبتر الناقلة للجنود المسماة “البنانة” إلى طائرات “بي 26” إلى عتاد الاتصال اللاسلكي.. كل ذلك ترك عندنا، نحن أطفال الحرب، انطباعا بأن فرنسا عبارة عن ملحقة عسكرية أمريكية ليس إلا! وكثيرا ما كنا نغني أرجوزة الثورة: “فرنسا.. كيف جاها لالمان ألعبهلها بالشيء إللي كان.. الانجليز والأمريكان رجعوها هي الفوقانية”. ومنذ الحرب العالمية الثانية لم نلاحظ على فرنسا أنها خالفت أمريكا في أي سياسة خارجية، سواء عسكرية أو حتى سياسية.. حتى إن حالة ديغول الذي أراد أن يخرج من الحلف الأطلسي في الستينيات كانت سياسة مرتبطة بالشخص انتهت بانتهائه سنة 1968.كل العالم يتعجب لماذا كل هذه التبعية الفرنسية لأمريكا؟! والتفسير الذي يتبادر إلى الذهن هو أن فرنسا أصبحت موجودة كقوة عظمى وفي مجلس الأمن بفضل أمريكا، ولذلك كان بعض السياسيين يعتبرون فرنسا في مجلس الأمن لا يختلف عن وضع تايوان التي كانت عضوا في مجلس الأمن عوض الصين حتى أواسط السبعينيات! ترى لماذا تتجسس أمريكا على فرنسا وألمانيا ولا تتجسس على بريطانيا؟! والجواب لأن أمريكا مستعمرة قديمة لإنجلترا، والعين لا تعلو على الحاجب! وهل يمكن أن تتصوروا مثلا الجزائر تتجسس على فرنسا؟!لهذا فإذا كانت فرنسا هي مقاطعة أمنية لأمريكا، فهل يحق لنا نحن في الجزائر أن نعتبر فرنسا قوة إقليمية يمكن أن نعتمد عليها في حمايتنا من المضلة الأمريكية التي تحمل اسم الناتو! وأن نكون جزءا من “المعلم” الكبير خير لنا من أن نكون فرعا لمن هو خادم لهذا الكبير! لهذا فإن بومدين كان على حق حين قال سنة 1977 في أرزيو: “نحن في موضوع الغاز والبترول استبدلنا الاستعمار الصغير بالاستعمار الكبير !حتى إن كنا لا نعرف لغته”[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات