+ -

الحِلم خُلُق من أخلاق القرآن وهو كما عرّفه العلماء الكرام هذه الفضيلة بأنّها حالة يظهر معها الوقار والثّبات عند الأسباب المحرّكة للغضب، أو الباعثة على التعجّل في العقوبة، وعرفوه كذلك بأنّه حبس النّفس حتّى تخضع لسلطان العقل وتطمئن لمَا يأمر بها.. ومَن قال إنّ الحِلم ضبط النّفس ليس بمخطئ لأنّ ضبط النّفس يعني إخضاع قوّتها الغضبية لسلطة العقل المفكّر المدبّر، وهذا هو مضمون الحِلْم. فعلى الرّغم من أنّ الحليم قد سمع أو رأى أو علم ما يثير غضبه نراه متحلّيًا بالهدوء وضبط النّفس. ومن وسائل تأديب النّفس وترقيتها الصّيام، فكما يُعلِّم الإخلاص يُعلّم الحِلْم والصّبر والثّبات عند الأهوال... فالّذي لا ينتقم لنفسه حليم، لأنّه قادر على الانتقام ويعفو عن مَن أذاه بل يحسن إليه، وهو كذلك صبّار لأنّه يزجر دومًا نفسه عن غيبها ويَحُول بينها وبين الوقوع في المعصية والخِصام وكلاهما واحد وكلاهما تخرّج من مدرسة الصّيام... ألاَ ترى أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يأمُر الصّائم أن يقول إذا شتَمَه أخوه: “إنّي صائمٌ إنّي صائمٌ”، فهذه قولة من حليم صبور تذكّر صاحبها بأنّه في رحاب شهر الغفران والقُربات وتلقّن أخاه درسًا لا ينساه في التّربية الرّوحية والاجتماعية والخُلقية، فتكون الفائدة عامة.فالصّائم الحليم يزداد رقيًا في الكمالات، والّذي أخطأ يرجع إلى الحقّ، والرّجوع إلى الحقّ فضيلة ويتعلّم كيف يصفح هو بدوره عن من يأذيه.. فهذا يتعلّم الحِلم من هذا، وهذا يعلّم الحِلم هذا فيصبح المجتمع كلّه ذا خُلق عظيم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات