جنرال يحتجز ابنه المعاق ويمنح هويته لطفل متبنى

38serv

+ -

سيناريو هذه القصة ليس مقتبسا من فيلم هوليودي ولا من رواية خيالية، بل أحداثها من الواقع بأبطال حقيقيين، أم وأب برتبة جنرال، رزقا قبل أكثر من ربع قرن بابن معاق بنسبة مائة بالمائة، فقررا عزله عن العالم واحتجازه في مستودع، قبل أن ينقطع حبل الكذب على يد ابنتهما.أمضى ابن الجنرال المتقاعد 28 سنة كاملة محتجزا في مستودع خاص بالقوارب بمدينة شرشال، تقوم عاملة نظافة على خدمته. وطيلة هذه الفترة، كان طفل آخر ينعم بالدفء العائلي. ولم يكتف الجنرال المتقاعد رفقة زوجته بإخفاء ابنهما الحقيقي فقط، بل قاما بعد ذلك بتبني طفل غير شرعي تم جلبه من مستشفى مصطفى باشا ومنحه هوية الابن الحقيقي، من خلال التزوير واستعمال المزور، بغرض إخفاء معالم الجريمة وتقديمه على أنه الابن البيولوجي، حسب ما صرح به الجنرال المتقاعد وزوجته أمام قاضي التحقيق لدى محكمة بئر مراد رايس ومحققي الدرك الوطني.رسالة مجهولة تفضح المستورظن الوالدان أن سرهما في بئر عميق، ولم يخطر في بالهما يوما أن الحقيقة ستنكشف، قبل أن تفضح رسالة مجهولة المستور، وصلت إلى فرقة الدرك الوطني ببئر مراد رايس، حيث جرت التحريات على قدم وساق، وتم استدعاء جميع أفراد هذه العائلة وكل من يمت لها بصلة. وبعدما جرى استدعاء المشتبه فيهما رفقة ابنهما بالتبني للتحقيق معهما، لم يجد الأبوان مفرا من الاعتراف بالوقائع المنسوبة إليهما، خصوصا بعدما طلب منهما الموافقة على إجراء تحاليل الحمض النووي للابنين، الحقيقي وبالتبني.الأم: “آثرت الصمت خوفا”صرحت أم المعاق، خلال مراحل التحقيق، بأنها فضلت الصمت خوفا من تعرض ابنها بالتبني إلى ضغوط في الشارع، فقررت رفقة زوجها إخفاء فلذة كبدها عن المجتمع لـ28 سنة، كونه معاقا لا يقوى على الحركة، ليحل محله طفل تبنياه منذ سنة 1986، بعدما تم التكفل بجميع وثائق هويته عن طريق التزوير.الابن بالتبني: “أنا الابن الشرعي”ولدى سماع الابن بالتبني صرح بأنه الابن الشرعي للجنرال وزوجته، وأكد أنه منذ نشأته وهو يحمل هذه الهوية التي درس بها وتحصل على شهادات بها ولا يعرف بأنه طفل متبنى، مؤكدا أنه في الآونة الأخيرة تلقى صدمة عنيفة عندما علم بأن الاسم الذي كان يحمله هو اسم أخيه المعاق.الحمض النووي يجبره على الاعترافخلال التحقيق مع الجنرال المتقاعد صرح بأن ابنه الحقيقي هو الطفل المتبنى، وأكد أن الطفل المعاق هو المكفول، ورفض رفضا قاطعا الاعتراف بالحقيقة كاملة، وبعد أن كشفت التحريات أن الطفل بالتبني تم تغيير اسمه ومنحه هوية الطفل المعاق، أصر الجنرال على إنكار نتائج التحريات التي قام بها المحققون، وبعد أن أخطروه بأنهم سيقومون بإجراء خبرة علمية تتعلق بالحمض النووي”أ.دي.أن” اعترف مباشرة بأن الابن المعاق هو ابنه الحقيقي.الابنة: “عشت كذبة كبيرة”ابنة الجنرال قالت إنها عاشت كذبة كبيرة، لأن والديها منحا كل الحنان لشقيقها المتبنى الذي كانت على يقين بأنه شقيقها الحقيقي “لأن والدتي كانت حاملا ثم رحلت لمدة شهرين، وجاءت بعدها وفي يديها طفل قالت إنها أنجبته وهو شقيقي الأصغر.. ولكن بعد 28 سنة أخبرتني فرقة الدرك ببئر مراد رايس بأنه ليس شقيقي، والأدهى من ذلك أنه أخذ هوية شقيقي الحقيقي المعاق”.وواصلت شقيقة الابن المعاق في حديث مع “الخبر” أنها اكتشفت هذه الكذبة بمكتب فرقة الدرك ببئر مراد رايس في شهر ديسمبر من سنة 2013 “تم إقحامي في القضية على أساس أنني شريكة في الجريمة، أنا لم أودع أي شكوى ضد والداي، بل انطلقت التحريات بناء على رسالة مجهولة”.وأكدت الابنة أن الشاب المكفول كان يعرف بأنه ليس ابنا شرعيا للعائلة منذ سنة 2006، لما طردوه من مقاعد الدراسة في سن 19 “أنا لا أقف ضد والداي هداهما الله، ولكن شقيقي المعاق ليس له غيري، ماذا لو أن والداي توفيا يوما؟ كيف سيعيش؟ أبسط شيء.. هويته وبطاقة المعاق لا يملكهما”.الابنة في مواجهة والديهاحقيقة وجود الابن المعاق لم يكن يعرفها إلا المقربون من العائلة حسب الابنة، خجلا من حالته، مضيفة “استشرت الأئمة وكبار رجال الدين في الجزائر في حالة متابعة والداي جزائيا بسبب الجريمة التي اقترفاها في حق شقيقي هل أكون بذلك عاقة لوالدي أم لا؟”. وأضافت أنهم كلهم نصحوها بضرورة متابعة والديها والابن بالتبني من أجل استرجاع هوية أخيها وحقه الذي حرم منه من أقرب الناس إليه وأن الله سيحاسبها في حال سكوتها، وبعدها قررت متابعتهم قضائيا بتوكيل محامين للدفاع عن حقوق أخيها “وهنا عاقبوني بحرماني من رؤيته.. اشتقت لرؤيته كثيرا”.تهديد وضغوطتفجير ملف القضية جعل الابنة تختفي عن الأنظار لفترة، وصرحت الأخيرة بأنها فضلت أن تتوارى عن الأنظار بعد تعرضها لضغوط وتهديدات مباشرة ضدها وضد زوجها، الأمر الذي جعلها تقوم بتغيير مقر سكنها أكثر من مرة، كما منعت من رؤية شقيقها منذ سبتمبر 2014 إلى غاية يومنا هذا، وبلغها بأنه مريض وهو في حالة يرثى لها، وهذا ما جعلها تقدم عدة طلبات تدخل للسيد وكيل الجمهورية من أجل إسعافه وتمكينها من أخذه للمستشفى لكن لم يتلق طلبها أي رد.

 دفاع الابن الشرعي الأستاذة بشكر يمينة التي تأسست في القضية بعد صدور قرار غرفة الاتهام الأخير، قالت إن الابن المتبنى استفاد من انتفاء وجه الدعوى بعدما نفى والداه بالتبني أي المتهمان علمه بالتزوير، رغم وجود أدلة كثيرة على إدانته، وذلك بعد سماع أقواله، حيث أكد أنه لم يكن يعلم أنه يحمل اسم شخص آخر.لكن في الملف الموجود أمام غرفة الاتهام هناك وثائق تؤكد أن المعني كان يسير بالاسم الذي منح له في وكالة التبني إلى غاية المرحلة الثانوية من دراسته في الموسم الدراسي 2003 و2004 وبعدها في سنة 2007 قام الابن المتبنى باستخراج جواز سفر باسم الطفل المعاق والمدون عليه اسم الأخير وتاريخ ميلاده ونفس الشيء بالنسبة لبطاقة التعريف الوطنية، مع العلم أن عمر الابن المتبنى في سنة 2007 كان 21 سنة أي في سن التمييز وهذا ما يؤكد علم هذا الأخير بالحقيقة آنذاك.وأصدرت غرفة الاتهام قرارا بتاريخ 24 أوت 2014، جاء فيه إجراء تحقيق تكميلي واستدعاء الابن الشرعي وأخته لسماعهما مع تحديد حالة الابن الجسدية والعقلية عن طريق أخصائيين، والقضية الآن أمام محكمة بئر مراد رايس على مستوى التحقيق وإلى يومنا هذا لا جديد يذكر بخصوص فحص الضحية لتحديد حالته الجسدية والعقلية، وذلك بسبب رفض المتهمين أخذه إلى المحكمة لفحصه خوفا من اكتشاف الحقيقة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات