الابتذال المبرمجǃ

 الزميلة “الوطن” أعابت على القنوات التلفزيونية الأجنبية في الجزائر اهتمامها في رمضان بمسائل دينية تعيد إلى أذهان الرأي العام مظاهر التطرف الديني والعنف اللفظي.. وهي محقة في ذلك.. فحتى بعض حصص الكاميرا المخفية تعالج مسائل الضحك بما يدفع للبكاءǃ فمثلا تقوم الكاميرا المخفية باختطاف أشخاص بالسلاح.. وهي مظاهر تثير الرعب في الكبار وتربي الصغار على العنفǃ حتى الضحك لا نجد له موضوعا مقبولا إلا العنف.. وكأن المجتمع أصبح لا يستسيغ إلا العنف.. حتى في الضحك؟ǃواضح أن التضييق على حرية التعبير هو الذي جعل القنوات الفضائية تتراوح بين موضوعات الدين المتطرف والعنف.. والضحك المبكي فعلا.ففي رمضان لا يصح أن تعالج القنوات الموضوعات المعتاد تناولها، وهي عادة موضوعات متصلة بحكاية “نكح وذبح”ǃ فذهبت هذه القنوات إلى موضوعات متصلة بالدين المشوّه أو الضحك المبكيǃفي مصر.. أدى التضييق على حرية الفن والإعلام والتعبير إلى اللجوء إلى موضوعات متصلة بهز البطون والأرداف، كنوع من الترفيه عن الشعب المصري في ليالي رمضان.أما عندنا، فهذه الموضوعات لا مجال للخوض فيها لأسباب أخلاقية، وأخرى فنية ومادية، وحتى جمالية، فعمدت هذه القنوات إلى اللجوء إلى ما تعتبره “الوطن” عورة للتحريض الديني.هل من الصدفة أن يعود الحديث من جديد عن حكاية صلاة التراويح بمكبرات أم لا؟ǃ وهل من الصدفة أيضا أن وزارة الشؤون الدينية، مثل الحكومة، راحت تختبئ في هذا الموضوع وراء ترك القضية للأئمة يقدّرون جوازها أو عدم جوازها.لا توجد في الجزائر أعمال فنية سينمائية تعالج قضايا سياسية حساسة، مثل الفساد وسوء التدبير السياسي والاقتصادي للبلاد.. وفي الجزائر، الحكومة ووزراؤها ينامون في حضن هلال رمضان مدة شهر كامل.. وكل وزير نائم في حضن الهلال يحلم بأن يصبح رئيسا أو رئيس حكومة.. وكل مدير ينام في حضن هلال رمضان وهو يحلم بأن يصبح وزيراǃالتضييق على الحرية والإبداع وعدم الحسم في المسائل المتصلة بحرية التعبير وتحرير الرأي العام والمجال الفضائي الحيوي للإعلام الجزائري، هو الذي جعل هذه القنوات تلتحق بقنوات السلطة في الخط في الرداءة والابتذال، إلى درجة أصبحت معها هذه القنوات خطرا حقيقيا على الذوق العام، وباتت تنذر البلاد بأخطار خلخلة عقلية للشعبǃ وهذه هي ضريبة تنمية الرداءة وتشجيع الفسادǃ[email protected]