لم تشفع سياسة التقشف التي اعتمدتها الحكومة، منذ بداية هذه السنة، لإخراجها من أزمة انهيار أسعار النفط، فقد تعمق عجز الميزان التجاري للجزائر خلال الخمسة الأشهر الأولى، ووصلت قيمته إلى 6,38 مليار دولار،فيما انخفض ريع الجزائريين من البترول والغاز بأكثر من 12 مليار دولار. حسب أرقام الجمارك، التي تحصلت “الخبر” على نسخة منها، فإن الجزائر تكون قد خسرت حتى نهاية شهر ماي الماضي ما تجاوزت قيمته 12 مليار دولار من مداخيلها من العملة الصعبة من عائدات صادرات النفط، فقد انخفض مستوى الإيرادات من 28,32 مليار دولار خلال الخمسة الأشهر الأولى من سنة 2014، إلى 15,94 مليار دولار خلال الفترة نفسها من السنة الجارية، أي ما يمثل تراجعا بمعدل 43,67 في المائة.أما الواردات، ورغم مسارعة الحكومة إلى التقليص من واردات العديد من المواد الغذائية والمواد الموجهة للإنتاج، إلا أن فاتورة الواردات لا تزال مرتفعة بما قيمته 22,33 مليار دولار، مقابل 24,86 مليار دولار، ما يمثل تراجعا بمعدل 10,22 في المائة، المعدل الذي يبقى محتشما مقارنة بمستوى تراجع المداخيل.من جهة أخرى، بلغت فاتورة غذاء الجزائريين ما قيمته 4,28 مليار دولار، وذلك رغم تقليص فاتورة العديد من المواد الغذائية بالنصف، والحث على استهلاك المنتجات الوطنية، في إطار حملة “استهلك جزائري”، ليقدر تراجع فاتورة المواد الغذائية لشهر ماي وحده بمعدل 3,30 في المائة. غير أن المتمعن في أرقام الجمارك لشهر ماي الفارط، يتبيّن له أن تركيز الحكومة في تقليص فاتورة الواردات، خص أساسا المواد والسلع الموجهة لجهاز الإنتاج، بما معدله 21,37 في المائة، متبوعة بمواد التجهيز بنسبة 18,22 في المائة.على صعيد آخر، لا تزال مداخيل الصادرات خارج المحروقات محتشمة ولا تمثل سوى حوالي 7 في المائة من إجمالي الصادرات للخمسة الأشهر الأولى لسنة 2015، بما قيمته 1,1 مليار دولار، منها 303 مليون دولار لشهر ماي الماضي. ومن الملاحظ في قراءة لأرقام الجمارك، أن حصة الصادرات خارج المحروقات عرفت هذه السنة زيادة مقارنة بالعام الماضي، وإن ضمت في مجملها مواد مشتقة للبترول. وتبقى الجزائر رهينة إيرادات المحروقات المتقلبة، وهو ما يعكسه مستوى العجز المسجل هذه السنة الذي يعتبر الأول من نوعه منذ عدة سنوات، إذ سيساهم العجز في الميزان التجاري الذي يرتقب أن يفوق 5 ملايير دولار خلال السداسي الأول من السنة الجارية، موازاة مع تفاقم تراجع الإيرادات في تضييق هامش حركة الحكومة الجزائرية خلال السنة الحالية.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات