38serv

+ -

أثار مسلسل “حارة اليهود” للمخرج المصري جمال العدل، جدلا كبيرا، حيث اهتمت به الصحافة الإسرائيلية وأفردت له صفحاتها، خاصة وأنه أول عمل درامي مصري يتناول حياة اليهود بمصر، ويرصد حالة التعايش والتسامح التي كان يعيش فيها اليهود في تلك الحقبة الزمنية، لكن الصهاينة يريدون أن يضعوا صنّاع العمل في مأزق كبير، ويستغلون العمل للترويج للصهيونية، وسط تهديد من رئيس الطائفة اليهودية بمصر بمقاضاة صنّاع العمل، في وقت يرى فيه نقاد أن الوقت لا يزال باكرا للحكم على المسلسل. اعتاد المشاهد المصري والعربي على وجود شخصية اليهودي في الأعمال الفنية المصرية، على غرار المسلسلين الشهيرين “دموع في عيون وقحة” لعادل إمام، و”رأفت الهجان” لمحمود عبد العزيز بأجزائه الثلاثة، في أدوار تنحصر بين الجاسوسية أو المخابراتية، غير أن “حارة اليهود” جاء مختلفا عما تعوّد عليه المشاهد من الشاشة الصغيرة، فراح يرصد حالة التعايش والتسامح التي كان يعيش فيها اليهود بمصر في تلك الفترة، قبل هجرتهم مصر وتوجّههم إلى أوروبا والبعض الآخر إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، بسبب عملية “لافون” الإرهابية في الاسكندرية، وحاليا لا يتجاوز عدد الطائفة اليهودية في مصر 10 أشخاص. أخذت الشخصية اليهودية في “حارة اليهود” حيزا أكبر، مما جعلها مطمعا للكيان الصهيوني الذي راح يشيد بهذا العمل، وأبدت السفارة الإسرائيلية في القاهرة سعادتها من أحداث المسلسل، وقالت عبر صفحتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي “لقد شاهدنا أولى حلقات المسلسل المصري “حارة اليهود”، ولقد لاحظنا لأول مرة أنه يمثّل اليهود بطبيعتهم الحقيقيه الإنسانية، كبني آدم قبل كل شيء ونبارك على هذا”. لكن صنّاع العمل سخروا من إشادة ومباركة الصهاينة بـ”حارة اليهود” وطالبوهم بعدم الاستعجال في إصدار أحكام غير واقعية، وأكدوا أن المسلسل لا يمجّد الشخصية اليهودية.المصريون لديهم أزمة من كتابات مدحت العدلتقول الناقدة إيمان كمال، إن الهجوم المسبق على الأعمال الفنية قبل عرضها أو بعد مشاهدة حلقات قليلة، دليل على رغبة المجتمع في صنع جدل على أي موضوع، وأن المسلسل تعرّض لهجوم كبير ومسبق، وفسرت ذلك بوجود أزمة لدى المجتمع المصري من كتابات السيناريست مدحت العدل، وأن الجميع يبحث عن أخطاء بشكل متعمد، وتجاهل الحالة الفنية الجميلة التي تذكّرنا بمسلسلات الزمان الجميل. وترى إيمان كمال بأن المسلسل غير مطالب برصد تاريخ بشكل تاريخي، لأنه ليس عملا تاريخيا، كما أنه في حلقاته الأولى، ولم نشاهد أي أحداث تاريخية خاطئة، لكن من الناحية الفنية، فهو فعلا من أنجح الأعمال سواء من ناحية الإخراج أو التمثيل وحتى الديكور.وفي ترويج الكيان الصهيوني بأن “حارة اليهود” يروج للصهيونية، توضح إيمان كمال بأنه لا يزال الوقت باكرا حتى نقول إن العمل يدعم الصهيونية أم لا، فالحلقات الأولى منه تظهر منّة شلبي وأبوها على أنهما مصريين، في حين أخوها أحمد حاتم، يدعم الصهيونية، وبالتأكيد في ذلك الجيل كان فيه أناس مؤمنة بالصهيونية، فطبيعي أن يلقي صناع العمل الضوء على ذلك، وأضاف لـ«الخبر”، “لقد تعودنا على تدخل إسرائيل بشكل ما في الأعمال الفنية، كما أنها تدعي بأن أصول بعض الأعمال مصرية إسرائيلية، لكن لا أعتقد بأن صناع العمل بهذا الغباء حتى يصنعوا مسلسلا يجمّل إسرائيل”.“حارة اليهود” لا يروّج للصهيونية والمزاعم الإسرائيلية لا تعيب عليهيرى الناقد رامي المتولي، من جانبه، أن “حارة اليهود” لا يروج للصهيونية كما تدّعي إسرائيل، قال إن المزاعم الإسرائيلية لا تعيب على المسلسل ولا على صناعه، أو يضعهم في شبه أنصاف الصهاينة بأي شكل، فمهما كانت السلبيات لكنها لا تذهب لهذا الاتجاه، خاصة وأن المعروف عن الإعلام الإسرائيلي، هو استغلال أي عمل فني لتفسيره ودفعه في اتجاه ما يعتقدون فيه، وما يناسب رؤاهم فقط، وهو ما حدث في أكثر من عمل كالادعاء بأحقيتهم فى أهرامات مصر الفرعونية، لأنهم بناتها، التصريحات والتحليلات الموجودة في الصحف الإسرائيلية لا تتعدى كونها سياسية لا تعبر عن أي شيء سوى خدمة أهدافهم وبث الشك وإظهارهم في صورة أصحاب الحق في مصر، سواء في تاريخها الحديث أو القديم، وهو أمر غير صحيح، حيث أن اتجاههم الفكري والديني يخالف الاتجاه الفكري والديني لمعظم المصريين اليهود المنتمي معظمهم لطائفة القرائيين وليسوا صهاينة. وأضاف “حارة اليهود” مسلسل يعالج قضية حساسة بأدوات باليه، فبعد سنوات من الدعاية السلبية ضد المصريين اليهود، وربطهم خلافا للحقائق التاريخية بالمنظمات الصهيونيه الآخذة في الانتشار منذ “وعد بلفور”، وإن كان هذا لا ينفي قيام البعض منهم بدعم هذه المنظمات، لكن الأعداد لم تكن بالضخامه التي يصوّر لها البعض، وكذلك المسلسل الذي يصم اليهود المنتمين للحركة الشيوعية وقتها بدعم الصهاينة”.ويقول المتولي بأن المسلسل يدعم بشكل أو بآخر سياسة الفصل بين الطوائف التي كانت موجودة في القاهرة، منتصف أربعينيات القرن الماضي، على عكس ما هو معروف تاريخيا أن القاهرة وقتها كانت “مجتمع كوزموبوليتاني” باقتدار، لا تقف أمام أفراده حدود الدين أو العرق أو السياسة، لذلك يعدّ سلبيا ما يكرسه المسلسل من وجهة نظر داعمة، أن المصريين اليهود باعوا وطنهم لدعم المنظمات الصهيونية، وأن هناك حدود وفواصل واضحة لا يتعداها أفراد هذا المجتمع، حتى أنه وضع “فتوة” في الحارة يجمع الإتاوات ويفشل الأفراح مع اندثار هذه الفئة في ذلك الوقت، وعدم وجودها من الأساس، في حين أن هدفه هو إلقاء الضوء على المصريين اليهود وحياتهم في ذلك الوقت، فالعمل الفني من الممكن أن لا يلتزم بالحقائق التاريخية، وأن يطلق المبدعين خيالهم للتعبير عن فنهم، بما يرونه دون الالتزام بالقيود، لكن تصدير وجهة نظر ثبت خطأها عن أحداث تاريخية، والتأكيد بشكل ما على أنها وجهة النظر الصحيحة لما حدث تدمير للمصداقية من أساسها، كما حدث في قضية “الأسلحة الفاسدة” عام 1948، وما حولها من افتراءات، وتابع “بالطبع الرؤية لم تتضح حتى الآن، المعروض من الحلقات قليل لكن الخطوط العامة وضحت، وعلى الرغم من محاولات ظهور الديكور والملابس بشكل أقرب للطبيعة، إلا أنه ظهر باهت لا يعبّر عن المرحلة، أداء الممثلين على رأسهم إياد نصار ومنه شلبي يقدّمون أداء مبالغ فيه بشدة، وباستثناء ريهام عبد الغفور، التي تقدم دورا مغاير لما اعتدنها عليه وسيد رجب الذي أعطى بعدا آخر للفتوه بأدائه الجسدي وطريقة المشي الملفتة، إلا أن عامل التمثيل في المسلسل من أقل عناصره جودة حتى الآن”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات