أشار البروفيسور محمد غرينيك، رئيس مصلحة الاستعجالات لمستشفى مصطفى باشا الجامعي، إلى أنه في الوقت الذي ينتظر الأمريكي دوره في الفحص الطبي 8 ساعات والإسباني 4 ساعات تمر في هدوء، لن يمرّر الجزائري نصف ساعة في الانتظار ليشرع في الكسر والضرب، ليجبر الطبيب على معاينته وذاك ما نقف عليه يوميا.هل لنا أن نعرف نوعية المرضى الذين تستقبلهم مصالح الاستعجالات، خاصة مصلحة مصطفى باشا باعتباره أحد أكبر مستشفيات العاصمة إن لم نقل أكبرها؟ نستقبل كل أنواع المرضى انطلاقا من أصحاب الأمراض المزمنة إلى ضحايا حوادث المرور والضرب الجسدي، ناهيك عن الحالات الاجتماعية والمتشردين وغيرهم، ويكفي أن تعلموا أننا نستقبل يوميا أكثر من 500 حالة، 100 منها لا تستدعي حتى التنقل للمستشفى حتى أن أصحابها يقصد المصلحة من باب العبث لا غير. ورغم أن المعروف عن الاستعجالي خطورة الحالة التي لا يحكم على خطورتها سوى الطبيب، لكن ما يجري عندنا أن “الجزائري” هو من يقيّم حالته ويحكم بأنها خطيرة، لنجد أنفسنا يوميا أمام 500 حالة خطيرة، حسب تقييم المرضى الذين يريد كل منهم أن تكون له الأولوية في المعاينة.وكيف تتعاملون مع هذا الوضع؟ بصعوبة كبيرة وخاصة خلال المناوبات الليلية، فتصوروا الكم الهائل من الذين يقصدوننا منهم المرضى ومنهم “المتمارضون”، والكل يرى أنه ذو أولوية ويرفض الانتظار. ففي الوقت الذي ينتظر الأمريكي 8 ساعات والإسباني 4 ساعات من أجل معاينة طبية، يرفض الجزائري الانتظار أكثر من نصف ساعة وإلا تقوم القيامة، واعلموا أن الأولوية تكون عادة لقوي البنية الذي يستعرض عضلاته من أجل التخويف. وأكذب إن قلت إن الأمور تسير عادية، ففي كل مرة نجد صعوبة في التعامل مع الوضع، خاصة في مناوبات الليل التي يخافها أطبائي كثيرا، حتى أنني حينما أحدد برنامج تلك المناوبات معهم أقول لهم من يريد الذهاب إلى “جهنم”؟ كونهم معرّضين فيها لكل أنواع العنف من ضرب وشتم، وأفتح هنا القوس لأقول بأنه توجد 4 حالات ضرب وعنف على أطباء من مصلحتي رهن العدالة.هل لنا أن نعرف نوع العنف الذي يتعرض له أطباء المناوبات؟ هو عنفي لفظي وجسدي، منهم من يستعمله ليفوز بمعاينة الطبيب له قبل الآخرين، ومنهم من يعبّر به عن سخطه، بعد أن يتم إخباره بموت مريضه. يجب أن تعلموا أن الجزائري لا يتقبّل الموت، فرغم وعي كل أفراد الأسرة بأن المريض الذي اصطحبوه في حالة متدهورة، ويبلغ من العمر عتيّا مع إصابته بعديد الأمراض المزمنة، إلا أنهم يقيمون الدنيا ولا يقعدوها ويشرعوا في التكسير وحتى ضرب الطبيب أو الممرض أو عون الأمن، عندما يتم إخبارهم بموته، وكأننا نحن الذين قتلناه..وأين يكمن الحل حسبكم؟في تغيير ذهنية الجزائري الذي يظن بأن المستشفى بأطبائه وممرضيه ملكه وأن الصحة العمومية مكسب ورثه عن استحقاق. يجب أن يعرف كل مواطن أن الاستعجالات تخصص خطير وأن احترام العاملين به والتقيد بشروط الاستقبال هي المعيار الصحيح.*
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات