مقرب من هولاند همس في أذن جزائري قائلا: مشكلة الجزائر أن الساحة السياسية والعسكرية لم يعد فيها من يصلح لأن يكون واجهة رئاسية للحكم، كما كان الحال سنة 1962 و1979 و1992 و1994 و1999.. الفشل الحقيقي للحكم هو أنه لم يحضّر كما يجب عددا من الواجهات التي يمكن المفاضلة بينها لتجاوز الانسداد الذي أتى به مرض الرئيس!هذا الكلام هو عين الصواب، وهو بالفعل جوهر مشكلة الحكم في الجزائر حاليا.فالمؤسسة العسكرية لم يعد فيها من باستطاعته أن يتحمّل مسؤولياته كاملة كمؤسسة هي الصانعة للرؤساء، والدستور لم يعد هو الحل بسبب العبث به.والساحة السياسية تعج بالأرانب السياسية ولا يوجد بينها أرنب بإمكانه أن يحكي انتفاخا صولة الأسد ! ليكون اختياره واجهة صالحة كما كان حال بوتفليقة سنة 1999 أو حال زروال سنة 1995، أو حتى حال الشاذلي سنة 1979.حتى “حظيرة”.. “لاكاص” السياسي ليس فيها أمثال بوضياف أو كافي.. أو حتى أمثال نزار وزروال. فرنسا وأمريكا وأوروبا عموما، ومعهم العرب، يتملّكهم جميعا الرعب من عدم وجود شخصية وطنية بإمكانها أن تكون واجهة مقبولة لحكم الجزائر ولو لفترة انتقالية.. والحكم في الجزائر يعيش الرعب نفسه للسبب نفسه.. والعودة إلى الشعب يرى فيه الجميع مخاطرة قد تؤدي إلى حالة سوريا أو ليبيا، أو في أحسن الحالات حالة التوانسة!السلطة في الجزائر الآن أصبحت تخيف الغرب من الوضع في الجزائر، بما هو أسوأ من ليبيا وسوريا إذا ما أقدم الغرب على الدفع نحو إعطاء الكلمة للشعب... الحكم الآن أصبح يقول: إن مصير الجزائر ليس في انتخابات حرة، بل هو في انتخابات شكلية كما كانت من قبل.. انتخابات يسبقها إجماع.. والجميع أصبح مقتنعا بهذه القضية، بما فيها المعارضة والسلطة على السواء.. والمصيبة أنه لا توجد شخصية يمكن أن تكون محل إجماع.. وجماعة بوتفليقة لا يريدون ترك المجال لتتبلور شخصية يمكن أن تضمن الحد الأدنى للإجماع.. وبذلك يضمنون بقاء ما هو قائم، حتى ولو كان حاله أسوأ من حال تصور ما هو قادم !هولاند يكون قد أخذ قائمة من الأسماء المحتملة لخلافة بوتفليقة لتشتغل عليها فرنسا في الأشهر القادمة، وقد ينتهي الأمر إلى الاتفاق حول شخصية معينة.. لذلك يبدو أن الحل الذي يعيد الأمر لصاحب الأمر، وهو الشعب، قد أصبح بعيد المنال في المنظور القريب!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات