مؤشــــــرات سنـــــة حقوقيـــــة ســـــوداء في الجزائـــــر

+ -

 نـــور الــدين بـــن يسعــــد: “سجلنـــــا تراجعــــا كبــــيرا في الوضـــــــع الحقوقــــي”قدر نشطاء حقوقيون عدد المتابعين في قضايا تتصل بحقوق الإنسان بحوالي 30 إلى 40 حالة، منذ بداية سنة 2015. واللافت أن التهمة المكيفة في ملفات هؤلاء غالبا ما تكون “التجمهر غير المسلح”، وهي تهمة يراها رجال القانون “مطاطة ومتداخلة” مع حق التظاهر المكرس دستوريا. أبرز القضايا المطروحة، منذ دخول سنة 2015، هي إدانة 8 نشطاء ينتمون إلى لجنة الدفاع عن حقوق البطالين في الأغواط، منهم عبد القادر خنشة، بأحكام تتراوح من 6 إلى 8 أشهر، بتهمة التجمهر غير المسلح. إلى جانب ذلك، تبرز قضية الناشط الحقوقي علي عطار، الذي تم توقيفه، وفق محاميه، يوم 9 فيفري من قبل أعوان أمن اقتادوه إلى وجهة مجهولة. كما تستمر السلطات في حجز الصحفي عبد السميع عبد الحي في الحبس الاحتياطي دون محاكمة رغم مرور 16 شهرا على اعتقاله.ولم يسلم الناشط السياسي والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية، رشيد نكاز، من متابعتين قضائيتين في بجاية وبني ورتيلان لنفس التهمة. ولم تنجح أحزاب المعارضة المتكتلة في تنسيقية الانتقال الديمقراطي من تنظيم ندوتين موضوعاتيتين بسبب منع السلطات. وتعاني جمعيات حقوقية إلى الآن من “تماطل” وزارة الداخلية في اعتماد ملفاتها وفق القانون الجديد.كما صدرت أحكام في حق متظاهرين شاركوا في مسيرة نصرة الرسول الكريم بـ9 أشهر غير نافذة و50 ألف دينار غرامة. وأدين أيضا الناشط طارق معمري بتهمة إهانة هيئة نظامية بسنة حبسا نافذا وغرامة، ونال نفس المصير عبد الله بن نعوم، المناضل والعضو المؤسس بجبهة “رفض”.ولا يزال نشطاء حركة “بركات” يتعرضون للاعتقال في كل مرة ينظمون تجمعا بالعاصمة، إذ تقول أميرة بوراوي إنها تعرضت وزملاءها للاعتقال ثلاث مرات هذه السنة، مرتين بسبب الغاز الصخري وأخرى في احتجاج للتضامن مع عبد القادر خنشة. ومنذ رئاسيات 2014، عدت بوراوي 11 مرة اعتقلت فيها الشرطة نشطاء لـ”بركات”.واللافت أن التضييقات الممارسة على الحق في التظاهر مستمرة رغم رفع حالة الطوارئ في 2011. وإذا كان مبررا منع التظاهر في العاصمة بسبب وجود تعليمة تحظر ذلك، فإن اعتقال نشطاء في باقي الولايات يطرح أكثر من تساؤل حول سلوك السلطات المتناقض بين ما تصدره من قرارات وما تمارسه في الميدان.هذا الواقع جعل من رفع حالة الطوارئ، وفق حقوقيين، مجرد ورقة استعملتها السلطات الجزائرية للاستهلاك الخارجي، لتخفف الضغط عن نفسها  سواء أمام اللجنة الأممية لحقوق الإنسان، أو الاتحاد الأوروبي الذي تقضي المادة 2 من اتفاق الشراكة معه على ضرورة احترام حقوق الإنسان.لعبة الكلمات بين “التجمهر” و”التظاهر”!وصف أمين سيدهم، منسق شبكة المحامين للدفاع عن حقوق الإنسان، ما يجري من “تضييقات ومتابعات قضائية في حق نشطاء حقوقيين، بـ”التراجيديا المضحكة”، لأن “المناضلين يتألمون كثيرا من الضرر الذي تلحقه بهم، ويسخرون في نفس الوقت من أن أبسط بديهيات القانون أصبحت لا تحترم في الجزائر”. وقال سيدهم إن كل الإدانات حاليا تتم بتهمة “التجمهر غير المسلح” الموجودة في قانون العقوبات، وهي “تهمة لا تزال تطبقها سوى الدول القمعية المتخلفة، في حين تجاوزتها الدول التي تحترم حقوق الإنسان وتعتبر الحق في التظاهر والتجمع السلمي من الحقوق الأساسية التي لا يجوز المساس بها”.وأبرز سيدهم أن “هناك تناقضا في الدستور الذي يكرس حرية الرأي والتظاهر، وقانون العقوبات الذي يعاقب على التجمهر غير المسلح”، لافتا إلى أن “السلطات تترك لنفسها الحق في تفسير هذه القوانين وتكييفها في حق النشطاء بالشكل الذي يناسبها، بينما لا يوجد تعريف واضح ودقيق يمكن من خلاله التمييز بين التجمهر والتظاهر”.ويحدد قانون العقوبات في مواده 98 إلى 100 شروط إثبات تهمة التجمهر غير المسلح، وذلك بإصدار الوالي أو رئيس البلدية تسخيرة قانونية للقوة العمومية، وعلى رجال الشرطة أن يكونوا بالزي الرسمي ويقدموا إنذارات بمكبرات الصوت مرتين للمتجمهرين قبل اعتقالهم.ويلحظ سيدهم أن “التوقيفات التي تمت في الفترة الأخيرة، لا تراعي أبدا هذه الشروط رغم أنها مجحفة في الأساس، إذ يتم اعتقال كل تجمع لـ3 أو 4 أشخاص في خرق واضح للقانون”. وهذا ما بات يستدعي، وفق المحامي، “إعادة النظر بشكل مستعجل في تهمة التجمهر لأنها مساس خطير بالحقوق الأساسية”. من جانبه، أوضح نور الدين بن يسعد، رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان (متنازع على رئاستها)، أن الوضع الحقوقي العام في الجزائر منذ بداية السنة يعرف تراجعا كبيرا، بعد تسجيل جملة من الاعتقالات والتوقيفات، مست نشطاء في مختلف الجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان، وبمنع أحزاب في المعارضة من تنظيم تجمعات أو لقاءات في القاعات العمومية.وبشأن إخطار المقرر الأممي في قضية البطالين، قال بن يسعد إن هذا الإجراء قانوني ويكرسه الاتفاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه الجزائر، ما ينفي عنه تماما أي تأويلات بأنه موجه ضد مصلحة الجزائر.وأضاف أن الرابطة ستتوجه، مباشرة بعد صدور الحكم النهائي، في حال لم يفرج عنهم إثر الاستئناف الذي تقدموا به، إلى جنيف.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: