38serv

+ -

كان يجلس في حانوته الصغير، ينتظر أن يؤذن المؤذن، معلنا صلاة المغرب والإفطار.. الكل يعرف سليم شابا هادئا، يبتسم للجميع، كثيرا ما تعامل مع الفقراء، برفق وخفض لهم ثمن السلع.. في ذلك اليوم من رمضان من العام الماضي، لم يكن يتوقع أن يغدر به أحد، لا ليس أي أحد، بل صديقان كثيرا ما تعاملا معه في التجارة، واقترضا الأموال وأعاداها. لكن شيطان النفس لا يحلو له إلا أن يفسد بين المتحابين.. 10 دقائق قبل أذان المغرب، بل خمس والإمام واقف ليؤذن، اخترقت تسع طعنات صدر وبطن سليم، وهو مقيد بذراعين قويتين لأقرب صديق له وأخيه.. تسع طعنات قبل الإفطار، بعدما لعب الشيطان بعقل محمد وهو مدير مدرسة وأب لأربعة أطفال، ومنير الشاب المحبوب جدا من الجميع. 9 طعنات بالخنجر ولعنات ترفقها للأبد، بسبب 5 ملايين سنتيم فقط، فقط لا أكثر، “وسخ الدنيا” كما قال الناس يومها، كان قد استدانها سليم من الأخوين وتأخر عن ردها. نقاش بسيط بين الأخوين والشاب نسف بالصيام والتوبة، نسف بعلاقات الصداقة، نسفت بالعمر كله.. مات الشاب متأثرا بالطعنات، هرب واحد من القاتلين قبل إلقاء القبض عليه، وسلم آخر نفسه. في السجن يكلم الشاب نفسه ويضرب رأسه في الجدار مرات، بل حاول الانتحار مرتين.. لكن لا ينقع الندم لا نسترد الميت من قبره، تسع طعنات زرعت الضغينة في قلب أبناء العائلة والحقد الأبدي.. قبل الإفطار فقط، فلتت الأعصاب، فأصبحت 9 طعنات، لا أحد استغفر، لا أحد ذكر اللّه، لا أحد صلى على النبي، لا أحد تذكر والديه وأبناءه ومصيرهم، لا أحد تذكر الغد ولا أحد تدخل ليوقف الكارثة.. رمضان شهر المغفرة، أصبح ذلك اليوم، في دائرة من دوائر سكيكدة، شهر التسع طعنات الملعونة..

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات