حالة جزائر بوتفليقة تشبه حالة فرنسا هولند من حيث الأزمات، لهذا فإن زيارة هولند إلى الجزائر هي محاولة من فرنسا الاستنجاد بالجزائر في المجال الاقتصادي، فيما تحاول جزائر بوتفليقة الاستنجاد بفرنسا لحل اشكالاتها السياسية الحادة... وفي هذه الحالة الأمر يشبه استنجاد غريق بغريقǃتتذكرون أن هولند قال قبل سنتين “بوتفليقة سيكمل عهدته”، وقد أكملها فعلا وهو في فال دوغراس وفق توجيهات هولند.. ثم رخصت فرنسا للأطراف المتصارعة حول خلافة بوتفليقة بأن يؤجلوا الصراع سنة أو سنتين بعهدة رابعة.. وقالت فرنسا آنذاك إنها على علاقة (بالطرفين) في ذلك الوقتǃ والطرفان فهِما آنذاك خطئا على أنهما جماعة العسكر، وجماعة عائلة الرئيس في الرئاسة.. لكن الواقع خلاف ذلك.. فالطرفان المقصودان هما جماعة فرنسا وجماعة أمريكا في دوائر السلطة المدنية والعسكرية.الآن بات واضحا أن الطرفين المذكورين اتفقا على الذهاب إلى ما بعد بوتفليقة، وأن مهلة الترتيب التي قدمت قبل سنتين قد انتهتǃ وأن مصالح أمريكا وفرنسا في الجزائر لم تعد تحتمل تسيير رئاسة الجزائر بالوكالة.. لأن الوكالة تحوّلت إلى وكالات متضاربة في بعض الأحيان، وقد تعصف بالمصالح الأجنبية وبالوضع العام في البلاد.الأمريكان يرشحون لخلافة بوتفليقة ثلاثة أشخاص: اثنان منهم لأمريكا والثالث لفرنسا.. وقد أحست فرنسا بأن حظوظها في فرض ما بعد بوتفليقة أصبحت تتضاءل، ولهذا قرر هولند الانتقال إلى الجزائر بنفسه لحل الإشكال.لا شك أن زيارة هولند للجزائر هدفها وضع خارطة طريق لاختيار رئيس جديد للجزائر، يقتنع بوجوده الفرنسيون والأمريكان، أكثر مما يقتنع به الجزائريون. الفرنسيون مثل الأفافاس، يدركون أن الهوشة القادمة بين سرايا الحكم حول شخص الرئيس القادم ستكون عنيفة وقد تؤدي إلى انهيار النظام، والخوف أن تنهار معه الدولة، ولذلك فإن فرنسا قد تكون أحست بالذنب عندما فضّلت مصالحها الآتية على مصالح استقرار وسلامة الجزائر قبل سنتين حين أيدت بقاء رئيس مريض في الحكم، وعبثت عبره بشبه المؤسسات الدستورية الجزائرية، وربما تريد اليوم إصلاح هذا الخطأ.لذلك قد تكون زيارة هولند هذه فيها المزاوجة بين تنمية مصالحها في الجزائر، وفي الوقت نفسه حل إشكال خلافة بوتفليقة بين الفرقاء سلميا. والفرقاء هنا داخل السلطة وليس مع المعارضة.. لهذا قام الرئيس بوتفليقة، أو من هو قائم مقامه في الرئاسة، بترتيبات سياسية وحكومية قبل مجيء هولند تحسبا لمثل هكذا قراراتǃواضح أن الأمريكان أخبروا الفرنسيين بأن حكاية حكم البلاد بالوكالة في الجزائر لم يعد يضمن الاستقرار المنشود، وأن الشارع يمكن أن يتدخّل.. فحكم البلاد بواسطة الرسائل التي تتلى باسم الرئيس والزيارات الوهمية للرؤساء الأجانب، لم تعد تقنع أحدا بأن الرئيس يمارس مهامه الرئاسية.. لهذا يقوم هولند بزيارة لم تكن في الحسبان لوضع خارطة طريق جديدة تجنب فرنسا تداعيات ما يمكن أن يحدث جراء تدخلها السافر في فرض رئيس مريض على بلد بحجم الجزائر.قد تكون زيارة هولند هدفها الأساسي هو الاستماع إلى وجهة نظر بوتفليقة في من سيخلفه، وكيف يخلفه، لأن الأمريكان لا يريدون سماع وجهة نظر بوتفليقة في هذا الموضوع، لأنهم يعرفونها مسبقا، وقد تكون فرنسا أيضا قد اقتنعت بصعوبة تسيير البلاد بمريض مدة 4 سنوات أخرى، فهل هي زيارة بداية الحل؟[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات