إلى طريق الله الّذي تلتقي عنده المسالك لأنّه الطّريق إلى المالك الديّان الذي له ما في السّماوات وما في الأرض. فالّذي يهتدي بإذن الله إلى طريقه يهتدي على ناموس السّماوات والأرض وقوى السّماوات والأرض ويهتدي أيضًا إلى رزق السّماوات والأرض، واتجاه السّماوات والأرض إلى مالكها العظيم الّذي إليه تتّجه والّذي إليه تصير الأمور. وهذا النُّور يهدي إلى طريق الله الّذي اختار للعباد أن يسيروا فيه ليصيروا إليه في النّهاية مهتدين طائعين.هذه الرُّوحانية اشتملت على العلوم الإلهية وأصول العقيدة الدّينية وقوانين الفضائل والآداب، وقواعد التّشريع السّياسي والمَدني والاجتماعي والاقتصادي والثقافي وغيرها من الأصول الّتي أتى بها القرآن الكريم وسيق بها كلّ الأوضاع البشرية الّتي من نوعها والّتي يؤلّف مجموعها الصّرح الأدبي الفخم لهذه المدنية الحديثة.ولا شكّ في أنّ هذا الوجه من أبرز وجوه إعجاز القرآن، فإنّ علوم العقائد الإلهية والآداب والتّشريع الدّيني والمدني هي أعلى العلوم، وقلّمَا ينبُغ فيها من الّذين ينقطعون لدراستها السّنين الطّوال إلاّ الأفراد القليلون، فكيف يستطيع رجل أمّي لم يقرأ ولم يكتب ولا نشأ في بلدة علم وتشريع أن يأتي بمِثل ما في القرآن منها تحقيقًا وكمالاً، كما قال الأستاذ عفيف عبد الفتاح طبّارة في كتابه “روح الدّين الإسلامي”، يؤيّده بالحُجج والبراهين بعد أن قضى ثلثي عمره لا يعرف شيئًا منها ولم ينطق بقاعدة ولا أصل من أصولها، لأنّه لم يوح إليه بالقرآن إلاّ بعد أن بلغ الأربعين من عمره.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات