أوليـاء في قمة القلق وآخـرون يذرفـون الدموع

+ -

أخيرا وصل يوم النهائي الموعود ووصلت فيه هيستيريا الامتحانات المصيرية لاجتياز عقبة البكالوريا ذروتها، في نفوس التلاميذ وأوليائهم على حد سواء. “الخبر” رافقت هؤلاء الأولياء لحظات قليلة قبل دق ساعة الحسم، وعايشتهم وهم يبذلون كل ما بوسعهم لتوفير جو ملائم لأبنائهم أمام أبواب مراكز إجراء الامتحانات. كانت الساعة تشير إلى السابعة ونصف من صباح أمس حين اصطفت عشرات السيارات، أمام ثانوية ابن الناس القريبة من ساحة أول ماي بالعاصمة، وتعالت أصوات الجمع الكبير من التلاميذ وأوليائهم الذين أبوا إلا أن يرافقوا أبناءهم حتى مراكز إجراء الامتحانات لتشجيعهم وبعث روح التفاؤل في نفوسهم، والتأكد من حسن سير الأمور وتقديم آخر النصائح لهم، وذهب آخرون يتمتمون بأدعية وتلاوة آيات قرآنية. ورغم محاولة أغلب الأولياء إخفاء توترهم وخلق جو مرح يبعث للتفاؤل ويخفف من حدة الضغط على أبنائهم، إلا أنهم وبمجرد أن دق الجرس وبدأ التلاميذ يدلفون الثانوية، حتى تسارعت نبضات قلوبهم وهم واقفون أمام المدخل يودعونهم بأيديهم، في مشهد حساس لا يختلف عن أولئك الذين يودعون أقاربهم بإحدى محطات السفر.وما هي إلا لحظات حتى ساد فجأة سكون رهيب في المكان، واختفت أصوات المترشحين وانكشفت وجوه الأولياء بعد أن خذلهم الارتباك والخوف وظهرت علامات التوتر التي كانوا يخفونها أمام أبنائهم. على غرار السيدة دنداني جوهر التي برقت عيناها فور دخول ابنتها صبرين للثانوية، واستسلمت لخوفها الذي كانت تخفيه طيلة مرافقتها، وراحت تذرف دموعا غزيرة وكأنها هي المقبلة على اجتياز الامتحان! وسرعان ما التف بها جمع من الأولياء اشتركوا معها في تعابير وجوههم الشاحبة الباعثة على الخوف من مستقبل أبنائهم القريب المجهول، لتهدئتها. واسترسلت إحداهن تخفف عنها قائلة “لقد حفظت البرنامج مع ابني جراء مساعدته على مراجعة دروسه”، ثم تضيف مبتسمة “لو أتيحت لي الفرصة لقمت باجتياز امتحان البكالوريا”.وفي بهو ذلك المشهد المؤثر ونحن نحاول التقاط الصور، لمحتنا السيدة جوهر نتحدث مع أفراد الشرطة، لتتدخل مسرعة موجهة كلامها إلى أعوان الأمن والدموع في عينيها ظنا منها أننا أحد المترشحين للبكالوريا، “اتركوه اتركوه..”. بدت السيدة جوهر جد متأثرة بما تخفيه الأيام القليلة القادمة عن مستقبل صبرين. وعن الحالة النفسية التي كانت عليها قالت “أنا جد متوترة لأن صبرين فقدت شهية الأكل منذ أسبوع”.لفتت انتباهنا الأكياس التي كانت بأيدي الأولياء من مختلف الحلويات والسكريات وعلب العصير. مثلما هو الحال بالنسبة لسيدة رصدناها تقدم الموز لابنها المقبل على اجتياز أول امتحان مصيري في مادة اللغة العربية، وصرحت لنا قائلة “الموز يسد جوع بطنه أثناء الامتحان”. وما شد انتباهنا هو إحضار بعض الأولياء قطعا من السكر لتقديمها لأبنائهم كما جرت العادة بالنسبة للكثير منهم.أما السيدان زايدي وزوجته فأبيا إلا أن يرافقوا ابنهم محمد الطاهر حتى آخر دقيقة، ولمحناهم يقدمون له التمر وحبيبات زبيب، وظلا هكذا حتى تأكدوا أن ابنهم محمد دخل القسم في أحسن الأحوال. اقتربنا منهم لنكتشف أن سبب توترهم يعود إلى إصابة ابنهم بإسهال صباح يوم الامتحان المصيري، ما أدخل الكثير من الشك في نفوسهم، ووضعُهم في حال لا يحسدون عليه. كانت عقارب الساعة تشير إلى 8 و20 دقيقة عندما بدآ بالابتعاد عن مركز الامتحان بخطوات متثاقلة والهواجس تعصف بمخيلتهم، وانصرف باقي الأولياء للالتحاق بمناصب عملهم، وآخرون هموا لتحضير وجبة الغذاء الخاصة لأبنائهم الذين دخلوا في غمار معركة تدوم 4 و5 أيام، مراسيم تحضيراتها دامت قرابة 9 أشهر، جُند على إثرها جميع أفراد العائلة، على حد قولهم، في انتظار ما تخفيه لهم الأيام القليلة القادمة. 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: