من المؤسف حقا أن حال مصر اليوم مع الأمن والاستقرار والتنمية أصبح لا يختلف عن حال الجزائر في هذه الأمور في سنوات التسعينيات..ǃهل من الصدفة أن تواجه مصر السيسي هذا اللوم الحاد من طرف دول الاتحاد الأوروبي عموما وألمانيا تحديدا في موضوع حقوق الإنسان وقمع الحريات؟ وهل من الصدفة أيضا أن نفس اللوم واجهته وتواجهه سلطة الجزائر في هذا المجال اليوم؟ǃالإسلاميون الجزائريون تعرضوا في التسعينيات إلى ظلم سياسي وحقوقي شديد دفع بهم إلى الانتشار في أصقاع العالم للتنديد بما يحدث في بلدهم، ونفس الصورة تتكرر اليوم مع الشقيقة مصر، حيث انتشر الإسلاميون (الإخوان) في أصقاع العالم وباشروا التنديد بما يقوم به نظام حكم بلدهم من مظالم سياسية مست في العمق الطبيعة البشرية للإنسان وليس المساس بحقوق الإنسان فقط.منذ شهر تقريبا وجه برلمان الاتحاد الأوروبي لوما إلى سلطة الجزائر بخصوص التضييق على الحريات والمساس بحقوق الإنسان.. وكانت ردة فعل الجزائر على الملاحظة الأوروبية تحمل “بلادة سياسية” لا يتصورها العقل.. فقد قال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية: “إن النواب الأوروبيين صادقوا على لائحة اليوم خلسةǃ وأنهم لا يعرفون مصالح بلدانهم في الاتحاد الأوروبي.. وأنهم محدودو الرؤية”ǃ وهو كلام لا يصدر عن عاقل ضد نواب في هيئة تحكم تشريعيا وقانونيا أهم تجمع لدول في الكونǃ وهذا في حد ذاته يدل على المستوى الذي وصل إليه الأداء السياسي والدبلوماسي الجزائري في عالم الرداءةǃنفس الصورة تكررت هذه الأيام مع الأشقاء في مصر، حيث اتهمت الخارجية المصرية وفطاحل الإعلام المصري بعض دول الاتحاد الأوروبي بقصر النظر والجهل بالأوضاع في مصر، ودعوهم إلى تحسين اطلاعهم على الحقائق في مصر قبل إصدار الأحكامǃمصيبة الحكام في مصر والجزائر ليست في الظلم والاستبداد فقط، بل المصيبة أيضا في قلة الحياء السياسي والدبلوماسي الذي وصل إلى حد الوقاحةǃصحيح أن المعارضة الإسلامية القوية في الجزائر ومصر كانت دائما وراء القلاقل والبلبلة التي تواجه النظامين في العالم.. لكن بله ورداءة الأداء للحكام هو أيضا ساعد هؤلاء على النيل من بلدانهم، وهو ما أعطى صورة عن المعارضة التي تمارس نشاطها من الخارج لا تقل قتامة عن الصورة التي يقدمها النظامان عن البلدين بسبب الرداءة وسوء التدبير والتصلف الأمني.لا أمل الآن في الأفق بوصول الأمور إلى مخارج مقبولة سياسيا في مصر والجزائر، ما دامت حتى المعارضة القوية لا تحظى “بالتوطين المطلوب” لأي عمل سياسي ناجع وفعالǃماذا لو أن معارضة الإخوان في مصر ومعارضة الفيس الجزائري الهارب إلى الخارج.. اجتمع قادتها في مطار من مطارات العالم وقرروا العودة إلى أرض الوطن ومواجهة السلطة حتى بالسجن؟ǃ أليس هذا أفضل من النضال في الفضائيات ومع المنظمات الدولية بلا طائل؟ǃ الحل في السجون وليس في الصالونات[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات