أكد قادة الأحزاب السياسية والنشطاء السياسيين الليبيين المتحاورين بالجزائر على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وجرى الاتفاق على بلورة المنظومة التشريعية خلال الاجتماع المنتظر الأسبوع القادم بالصخيرات المغربية تحت رعاية الأمم المتحدة.وقال المبعوث الأممي إلى ليبيا، برناردينو ليون، في ندوة صحفية أمس: “نعتقد أن الاتفاق الذي سيتم التوقيع عليه سينقذ ليبيا”. ورفض ليون التقليل من شأن من حضر الحوار بالجزائر، وأكد “لا فرق بين الأفواج، كل الأفواج لها الوزن نفسه والاهتمام، والفوج الذي حضر إلى الجزائر يمثل الشخصيات والأحزاب السياسية، والتي تمثل ملايين الأصوات الليبية”، وأضاف “لقد دعونا كل الفاعلين الليبيين، و95 بالمائة من الشعب الليبي ممثلون في الحوار، ولم نقص إلا من تعلق بالقاعدة وداعش وأنصار الشريعة فهذه الأطراف تعمل على تدمير البلاد”.وتوّجت جولة الحوار الثالثة بين الفرقاء الليبيين ببيان يتمثل في نداء المشاركين للعودة إلى السلم والمصالحة في ليبيا، وذلك من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية. ويظهر أن أقصى “تنازلات” قدمها المتحاورون لبعضهم البعض توجت بهذا البيان، بينما ما كان مأمولا قياسا بتحذيرات المبعوث الأممي، برناردينيو ليون، لم يتحقق، إلى غاية البارحة، على الأقل، بينما “داعش” يواصل زحفه بالجارة الشرقية للجزائر.ليون لم يكن متفائلا بحجم التفاؤل أبداه الوزير عبد القادر مساهل خلال اليوم الأول من الحوار، وإن كان من الطبيعي أن لا تظهر “الوساطة” في الملف الليبي تشاؤما من احتمال فشل الحوار بين فرقاء في دولة بدأ الشك ينهش عقلاءها في أن تتحول إلى سوريا أو ما يشبهها، إلا أن المبعوث الأممي لم يخف تشاؤمه من مجرى جولة حوار بوادرها الأولى “تهلل لداعش”، لأنه كان يفترض أنه مادام تنظيم الدولة يزحف بسرعة على أراضي المتحاورين أن يكون التفاهم أرفع ولو بقليل من مجرد بيان للعودة إلى السلم، وأن يحمل بيان هذه العبارة في دولة مثل ليبيا، تتقاتل فيها ميليشيات بلا هدف وتتضارب فيها مصالح دول، فهذا يعني أن السلم، كهدف سام، تحققه مرهون بمشيئة المتناحرين من خارج ليبيا أولا ثم المتقاتلين بداخلها ثانيا.وهناك مخاوف من أن يتكرر سيناريو الحوار المالي في ليبيا، حتى وإن كان الحوار المالي في الظاهر قد أحبط مستوى الاقتتال بين الأزواديين والحكومة المالية مؤقتا، إلا أن مستوى “التفاهم” لحد الآن لم يرسُ في مربع متفق عليه بالمطلق، وتجربة الماليين مع خرق الاتفاقات لا تحتاج إلى سرد، لذلك كان المبعوث الأممي أدرى بما سيتمخض عن الجولة الثالثة من الحوار من غيره، لما حذر المتحاورين الليبيين بالجزائر من مغبة ضياع فرصة الجولة الثالثة، التي سبقتها “إرادة” في التوافق، لكن التهديد الذي سوف يكون لاحقا لها هو أن تسقط في “التمييع” المؤدي إلى انفلات الوضع أكثر، تماما مثلما يريده “داعش”، بأن يبسط الاقتتال بين الليبيين بساطا أحمر باتجاه واحد.. طرابلس.المشاركون في الحوار الذي دام يومين ناقشوا العديد من النقاط، خاصة تلك المتعلقة بتشكيل حكومة وحدة وطنية ومحاربة الإرهاب. واللافت أن مواقف أغلب هؤلاء بخصوص تمدد داعش في ليبيا، تعتبر أنه (داعش) محصور في منطقة معينة، ومن المبكر القول إنه صار يحتل ليبيا، مثلما احتل العراق وسوريا. وأكد وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، رمطان لعمامرة، أمس ببروكسل، أن الجزائر “ستبذل قصارى جهدها لإنجاح الحوار الليبي الشامل الجاري حاليا في الجزائر”، مضيفا أن “إخفاق هذا المسار ليس خيارا مطروحا”. طبعا، لعمامرة كان يرد على نسق ما ساير جولة الحوار الثالثة، من تغليب للإخفاق على الإنجاح، مثلما تناقلت تقارير سياسية وإعلامية ونبرة تصريحات لمن يهمهم أمر الحوار، بينما يرى لعمامرة حول احتمال فشل الحوار الليبي وإمكانية التدخل العسكري هناك “أن الفشل والإخفاق ليس خيارا مطروحا، فعندما يتعلق الأمر بمصير شعب شقيق وجار نحن مطالبون أن نبذل مع غيرنا قصارى جهدنا لإنجاح المسار الحالي. هذا ليس موقف الجزائر بل موقف الأشقاء الفرقاء في ليبيا”. وأضاف لعمامرة، الذي كان يتحدث على هامش اجتماع مجلس الشراكة الجزائري-الأوروبي، أن مختلف قادة الأحزاب الليبية والناشطين الليبيين المشاركين في الاجتماع الثالث الذي شرع فيه الأربعاء بالجزائر “لديهم من النضج السياسي ومن روح المسؤولية ما يحثهم على بذل المزيد من الجهد للتغلب على الصعاب وتقريب وجهات النظر، للوصول إلى الهدف المرحلي المنشود الذي يتمثل في إنشاء حكومة وحدة وطنية”.وعند تشخيص الوضع الأمني في المنطقة، قال الوزير “إن تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا وبلورة عنصر داعش في هذا البلد الشقيق أصبح أمرا مقلقا من الناحية الأمنية والعملية”، مؤكدا على “أن المسؤولين على الأمن في الجزائر يشرفون على مناعة التراب الجزائري، وعلى دحر أي عدوان إرهابي يأتي من الخارج”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات