"كوكتال"من التجمعات العائلية داخل"مركزية"الأفالان

+ -

 اللافت في نتائج المؤتمر العاشر لحزب جبهة التحرير الوطني، هو “تأنيث” اللجنة المركزية، ناهيك عن كسر طابوهات من خلال تكريس ثقافة التوريث، وبدا الأفالان وكأنه في بداية دخول مرحلة جديدة، في ظل هيمنة عائلات سياسية عليه، بشكل غير مشهود في تاريخ الحزب إلا في حالات نادرة عرفت في السابق. قائمة 489 عضو في اللجنة المركزية، تضم حوالي 140 امرأة وشابة، وهي حالة نادرة في الأحزاب الجزائرية “ذات الطبيعة المحافظة”، باستثناء حزب العمال. وتطرح تساؤلات حول جدوى هذا القرار، إن لم يكن الهدف تعويم اللجنة المركزية وتكرار تجربة المجلس الشعبي الوطني، حيث تلعب البرلمانيات دورا محدودا مقارنة بعددهن، اللهم إلا إذا كان الذي اقترح رفع مقاعد النساء يهدف إلى تجميل واجهة الحزب بألوان زاهية.واكتشف المندوبون عند قراءة الأسماء، ذلك التشابه المثير في أسماء أعضاء اللجنة المركزية في ثوبها الفضفاض الجديد، فالأمين العام للأفالان ضم شقيقه عضو مجلس الأمة إلى اللجنة المركزية بصفته منتخبا عن محافظة وادي سوف، وينسحب هذا على العضو القيادي المخضرم السعيد بوحجة، الذي مهد الطريق لابنه لدخول اللجنة وخلافته بعد تقاعده السياسي، وتضم القائمة السفير عبد القادر حجار وأخاه الطاهر وزير التعليم العالي، وبهاء الدين طليبة وقريبه ماهر رئيس اللجنة الانتقالية لمحافظة حاسي مسعود، ومدني حود وشقيقه، كما ظهر اسم بدعيدة ثلاث مرات، وجوهري مرتين، وتوجد صلات مصاهرة أخرى وعلاقة قرابة أخرى، وشراكات بزنس لم تنكشف بعد. وقال ماهر طليبة، مسؤول اللجنة الانتقالية لمحافظة حاسي مسعود، بعد الإعلان عن القائمة، لصحفيين، إنه حصل على منصبه بدعم المندوبين فقط. (تمت خياطة قائمة المندوبين على مقاس مسؤولي المحافظات الذين حازوا على أغلبية المقاعد عدا حالات نادرة).ويبدو أن مقولة “دافيد بيرس” السفير الأمريكي الأسبق بالجزائر، الواردة في برقية نشرها موقع ويكيليكس، بأن “مسألة الحكم في الجزائر عائلية أيضا”، كانت قراءة استشرافية سليمة للواقع السياسي الجزائري. وتناولت تلك البرقية حالة وزير المالية السابق كريم جودي، وهو ابن سفير سابق.ولاحظ عضو قيادي في الحزب غير منخرط في حرب الأجنحة، أن تواجد أقارب في اللجنة المركزية ليس من تقاليد الأفالان التي تربت على ثقافة الاستحقاق وليس التوريث أو الزبائنية، متوقعا فشل هذا التوجه بسبب ضعف التركيبة، ناهيك عن فقدان اللجنة لمبدأ الفعالية بسبب تعدادها الكبير واكتفائها باجتماع واحد في السنة، ما يضع المكتب السياسي والأمين العام بعيدا عن المراقبة والمحاسبة.وشهدت مراسم تزكية سعداني أمينا عاما للأفالان، التي تمت تحت الرعاية السامية للرئاسة، احتجاجات قادها مندوبون انتخبوا لعضوية اللجنة المركزية. واحتل الغاضبون ومنهم أمناء محافظات، سهرة أول أمس، منصة الخيمة التي جرت فيها مراسم التنصيب بعد إقصائهم في ظروف غامضة من عضوية اللجنة، وتدخلت قوات الأمن لإبعادهم بالقوة للسماح بمواصلة إجراءات التنصيب. ولم يصدق هؤلاء المندوبون أن أحلامهم في حجز مكان في أعلى هيئة ما بين المؤتمرين راحت هباء، بعد اكتفاء لجنة الترشيحات في الحزب باختيار ممثلين اثنين فقط عن المحافظات الأم الـ 54 الأصلية بدل ثلاثة أعضاء مثلما تم الاتفاق عليه سابقا، أسوة بالمحافظات المستحدثة ضمن عملية إعادة الهيكلة المقدر عددها بـ66 محافظة.وذهب الأعضاء المنتخبون ضحية “تضخم القائمة الوطنية” التي تم توسيعها لإطارات شبانية وجامعية، إضافة إلى فريق جديد من “الزبائن” وكثير منهم يفتقدون لشروط العضوية المنصوص عليها في القانون الأساسي السابق والجديد.  وفسرت مصادر من الحزب إقصاء هؤلاء الأعضاء بكونهم محل طعن من قبل مندوبين لافتقادهم شروط العضوية. وأكد سعداني في كلمته أنه لأول مرة يتجاوز عدد المنتخبين المعينين في اللجنة. ولا يملك المحتجون بديلا سوى تجرع مرارة الإقصاء، في غياب أدوات قانونية للطعن في قرار قيادة الحزب، وخصوصا أن توزيع الحصص بين المحافظات تم شفاهة، وليس بقرار كتابي.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات